فصل: في الدلالة على أن الله عدل حكيم
  السلطان على ذلك، فسمونا باسم شر من ذلك وهو المجبرة)(١).
  هذا، وقد جاء في ذم القدرية أحاديث كثيرة ذكرها شارح الأساس، منها قوله ÷: «صنفان من أمتي لا تنالهما شفاعتي وهم القدرية والمرجئة»، قيل له: ومن القدرية؟ قال: «قوم يعملون المعاصي ويقولون: إن الله قدرها عليهم»، قيل: ومَنِ المرجئة؟ قال: «الذي يقولون: الإيمان قول بلا عمل»(٢).
  ومنها قوله ÷: «يكون في آخر الزمان قوم يعملون المعاصي ثم يقولون: هذا بقضاء الله وقدره، الراد عليهم كالمشرع سيفه في سبيل الله»(٣).
فصل: في الدلالة على أن الله عدل حكيم
  قالت الحشوية - وهم فرقة من المجبرة - وبعض المجبرة: إن الله سبحانه وتعالى يعذب أطفال المشركين في نار جهنم، وقد يستدلون بروايات عن النبي ÷.
  وربما يحتجون بأنهم: يدفنون في مقابر المشركين، ويُسْبَوْن، ولا يصلى عليهم، وقالوا: إن ذلك من الله تعالى فعل حسن وعدل، وهو في ذلك غير ظالم؛ لأنه تعالى رب مالك، يفعل في ملكه ما يشاء، أو لأنه غير مأمور ولا منهي، وبناءً على ذلك فله أن يعذب أولياءه ويثيب أعداءه، وله أن يخلق في جهنم عبداً يعذبه فيها أبد الآبدين من غير ذنب تقدم.
  وصريح مذهبهم أن الله تعالى يعذب الأشقياء في جهنم ويخلدهم فيها بغير ذنب فعلوه، وعلى هذا فتسمية المجبرة للخالق تعالى عدلاً حكيماً تسمية خالية عن المعنى.
(١) ورد هذا في عدة الأكياس (١/ ٣٤٥)، وفي هامشه: الحاكم هو محسن بن محمد بن كرامة البيهقي الجشمي نسبة إلى جشم وهو شيخ الزمخشري ومن كتبه السفينة. وأما يونس فهو: يونس بن حبيب الضبي بالولاء، أبو عبد الرحمن، ويعرف بالنحوي: علامة بالأدب، كان إمام نحاة البصرة في عصره. أخذ عنه سيبويه والكسائي والفراء وغيرهم. (باختصار).
(٢) وردت الرواية بهذا اللفظ في لوامع الأنوار (١/ ٤٥٠) نقلاً عن الشافي، وفي مجمع الزوائد (٧/ ٢٠٦) رقم (١١٨٨٥، ١١٨٨٦، ١١٨٨٧، ١١٨٨٨) بدون ذكر تفسير المرجئة والقدرية.
(٣) وردت الرواية بهذا اللفظ في لوامع الأنوار (١/ ٤٥٠) نقلاً عن الشافي، وفي كتاب الإسلام إيمان وعمل للسيد سابق (١/ ٦٤)، وفي متشابه القرآن لابن شهر آشوب (١/ ٢٥٨).