قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

مناقشة حديث: خير القرون قرني ... إلخ

صفحة 304 - الجزء 1

  وحينئذ فالاستدلال بالكثرة على الحق غير صحيح، لما ترى من ذم الكثرة، ومدح القلة في كتاب الله تعالى.

  ومن هنا قال أمير المؤمنين حين سأله سائل قائلاً: أترى يا أمير المؤمنين أهل الشام مع كثرتهم على الباطل، ونحن مع قلتنا على الحق؟

  فقال أمير المؤمنين #: (ويحك، إن الحق لا يعرف بالرجال، وإنما الرجال يعرفون بالحق، فاعرف الحق تعرف أهله قلوا أم كثروا، واعرف الباطل تعرف أهله قلوا أم كثروا ... إلخ).

  وجواب الشبهة الثانية: أنهم باستدلالهم ذلك لم يخرجوا من حيز الدعوى، فشبهتهم تلك دعوى خالية عن الدليل، وبإمكان كل فرقة أن تقول مثل مقالتهم.

  بل إن كل فرقة تقول: إنها على ما كان عليه النبي ÷ والمؤمنون معه، لا يتجاوزون ذلك، ولا نجد أحداً من طوائف المسلمين يقول: إنه على غير ما كان عليه الرسول ÷ وأصحابه.

  وجواب الشبهة الثالثة: أن الدليل الذي هو دليل إنما هو الكتاب والسنة والإجماع، أما الكثرة فليست بدليل؛ لما ذكرنا من الأدلة في جواب الشبهة الأولى.

مناقشة حديث: خير القرون قرني ... إلخ

  وأما حديث: خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، فهو حديث آحادي اختص بروايته أهل السنة والجماعة، ولا تقوم الحجة إلا بما أجمعت الطوائف المختلفة كلها على صحته، وهذا الحديث ليس كذلك، فلا يصح حينئذ الاحتجاج به على الشيعة.

  وبعد، فإن الواقع التاريخي يكذب مضمونه، فإن فاجعة قتل الحسين وأهل بيته الذين هم أهل بيت رسول الله ÷ وقعت في القرن الأول، وفاجعة الحرة التي استبيحت فيها مدينة الرسول ÷ وقتل فيها أولاد المهاجرين والأنصار، واستبيحت نساؤهم حتى جاءت نساؤهم بألف مولود لغير آبائهم، وطبع فيها