تعليل الأشعرية لقبح الفعل
تعليل الأشعرية لقبح الفعل
  وقالت الأشعرية(١) وغيرهم: بل إنما يقبح الفعل من أجل نهي الشارع عنه، ولا يعرف المكلف قبل النهي قبيحاً ولا حسناً، فالقبائح عندهم كلها شرعية.
  قلنا: من المعلوم أن الكفرة المنكرين للشرائع يستقبحون الظلم والعدوان والفساد في الأرض، ويستحسنون العقاب عليه، بل يطالبون في معاقبته، كما هو الحال اليوم فإن الدول الكافرة قد أطبقت على محاربة الإرهاب وعلى معاقبة الإرهابيين، وفي الدول الكافرة أنشئت منظمات تعتني بحقوق الإنسان، تستنكر ظلم الأبرياء وتطالب بمحاكمة المجرمين.
  وأيضاً فإن العقلاء جميعاً من الملاحدة وغيرهم لو رأى أحدهم صبياً يريد أن يتردى في بئر، أو يمد يده ليأخذ حيّة لاستحسن منعه من ذلك ولاستقبح تركه، وإن لم يكن له برحم.
  وبعد، فقد كان من المفروض أن لا يكون مثل هذا موضع خلاف بين المكلفين لوضوح استقباح القبيح في الفطرة، واستحسان الحسن.
  ومما لا شك فيه أن أهل هذا القول لا يستندون إلى حجة ولا إلى برهان وإنما اخترعوه من عند أنفسهم اختراعاً ليغلقوا به على خصومهم أبواب الجدال التي انهالت فيها عليهم جحافل النقد والإلزام، بسبب قولهم بالجبر، وما يلحق به من كون العبد غير مختار. و ... إلخ.
قول بعض المجبرة في سبب قبح الفعل
  وقال بعض المجبرة: إنما يقبح الفعل من العبد لكونه مربوباً وعبداً مملوكاً.
  وعلى الجملة فإن المجبرة جميعاً يذهبون إلى أن الفعل يقبح للنهي، ويحسن لعدم النهي، أو يقبح لكون العبد مربوباً أو مملوكاً، ويحسن للإباحة.
(١) منسوبون إلى مذهب أبي الحسن الأشعري - وهو علي بن أبي بشر بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن أبي بُردة بن أبي موسى الأشعري. (عدة الأكياس/ج ١).