قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

إحاطة الخطيئة

صفحة 271 - الجزء 1

  أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٨٠ بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ٨١}⁣[البقرة].

  فرد الله في هذه الآية على اليهود وعلى كل من يقول بمثل مقالتهم رداً مؤكداً، فكذب مقالتهم، ثم أردف ذلك بتأكيد الخلود في النار لكل من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته، سواء أكان من اليهود أم من المشركين أم من غيرهم.

إحاطة الخطيئة

  إحاطة الخطيئة بصاحبها هو أن يعمل المكلف السيئة متعمداً لفعلها، عالماً بقبحها وأن الله تعالى قد نهى عنها، ثم لم يتخلص من تلك المعصية بالتوبة والاستغفار حتى مات على ذلك، فهذا هو معنى إحاطة الخطيئة، وخلاصة ذلك: أن تستولي المعصية على صاحبها إلى أن يموت.

  ولا طريق إلى التخلص من ذلك إلا بالتوبة، فإذا لم يتب صاحب المعصية إلى أن يموت فإن معصيته محيطة به ومستولية عليه، والذي يتوب قبل الموت من خطيئته، ويستغفر الله تعالى، ثم يموت، فإن معصيته غير محيطة به، ولا مستولية عليه.

  ٨ - الأحاديث التي رويت في الخروج من النار أحاديث آحادية، ولا تفيد إن صحت إلا الظن، والمطلوب هنا العلم، فلا تقبل، ومع ذلك فهي معارضة لصرائح القرآن ونصوصه.

  وبعد، فلا يستطيع أهل السنة والجماعة تصحيح تلك الأحاديث، وغاية ما يقولون في التدليل على صحتها: رواه مسلم أو البخاري أو فلان أو فلان، وصححه فلان أو فلان.

  فإذا قالوا ذلك فإنا نقول: تصحيح البخاري أو مسلم أو أبي داود أو غيرهم للحديث ليس دليلاً على صحته، بل إنما ذلك دعوى محتاجة إلى بينة.