قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

السبب في انحراف الناس عن علي (ع) بعد موت النبي ÷

صفحة 192 - الجزء 1

  أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ، أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ، يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ، وَيَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ، وَيَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ، فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى، فَصَبَرْتُ وَفِي الْعَيْنِ قَذًى، وَفِي الْحَلْقِ شَجًا، أَرَى تُرَاثِي نَهْباً ... إلخ).

  فبين # بقوله: (بِيَدٍ جَذَّاءَ) أنه لا يجد له أعواناً وأنصاراً لو قام، والخلافة لا تتم إلا بالأعوان والأنصار والأتباع، لذلك رأى # أن السكوت والصبر أحجى وأقرب إلى السداد والرشاد.

  وقد قال في خطبة أخرى: فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي مُعِينٌ إِلَّا أَهْلُ بَيْتِي فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمَوْتِ ... إلخ.

  فبين # أنه لا يجد من الأعوان والأنصار إلا أهل بيته مع قلتهم، ومثلهم لا يغني ولا يجدي في هذا المقام.

  وذكر # في آخر الخطبة الشقشقية حالته بعد قتل عثمان، ثم بيعته بالخلافة وقيامه بها. فقال: (أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، لَوْلاَ حُضُورُ الْحَاضِرِ، وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ، وَمَا أَخَذَ اللهُ عَلَى العُلَمَاءِ أَلاَّ يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِم، وَلا سَغَبِ مَظْلُوم، لأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا، وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِها، وَلأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْز!). انتهى.

  فبين # أنه ما قام أخيراً إلا عند قيام الحجة عليه بوجود الأنصار، وأنه لولا ذلك لسكت، وقعد في بيته، كما سكت أولاً.

السبب في انحراف الناس عن علي (ع) بعد موت النبي ÷

  والسبب في انحراف الناس عن علي # بعد موت النبي ÷ هو: أن قريشاً كانوا قد دخلوا في الإسلام أخيراً في يوم فتح مكة، وقد كانوا اشد أعداء الإسلام وأعداء النبي ÷، وهم الذين قاتلوه يوم بدر، ويوم أحد، ويوم الأحزاب، وقبل ذلك حاصروه في شعب أبي طالب مع بني هاشم سنتين أو ثلاثاً، ثم أخرجوه من مكة، وقد حكى الله ذلك في قوله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ٣٠}⁣[الأنفال].