قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الإرادة

صفحة 89 - الجزء 1

  قلنا: لعل المجبرة إنما قالوا ذلك تعظيماً لله تعالى، بأن قدرته لا تنتهي عند حد، ولا يعجزها شيء، غير أن هناك ثلاث نظريات قطعية:

  الأولى: أنه لا يجوز على الله الفناء، ولا العجز، ولا الجهل، ولا الموت، ولا ... إلخ، وقد يعبر بعض المتكلمين عن ذلك فيقول: إن الله تعالى (واجب الوجود) و (مستحيل العدم).

  الثانية: كل ما نشاهده من المخلوقات يجوز عليه الوجود والعدم، ويسمى هذا عند المتكلمين (بممكن الوجود).

  الثالثة: هناك معلومات مفروضة يحيل العقل وجودها كاجتماع النقيضين والضدين في محل واحد، ويسمى مثل هذا عند المتكلمين بمستحيل الوجود.

  إذا عرفت ذلك فالفناء على الله تعالى والعجز والجهل والموت والعدم كل ذلك مستحيل غير ممكن وغير مقدور، وهكذا اجتماع النقيضين والضدين في محل واحد فلا تتوجه القدرة إلى ذلك، ولا يوصف القادر بسبب ذلك بالعجز؛ لأن العجز إنما يكون عما تتوجه إليه القدرة؛ فقدرة الله تعالى تخلق السماء والأرض والشمس والقمر والإنسان والحياة والموت، وأمَّا أن يجعل الله تعالى الشمس والقمر موجودتين، وغير موجودتين في وقت واحد، أو أن يجعل بني آدم أحياءً وغير أحياء في وقت واحد، أو أن يجعل السماء والأرض موجودتين وغير موجودتين في وقت واحد، فذلك من التجويزات الباطلة التي لا تكون، ولا يشغل تفكيره بها إلا أحمق.

الإرادة

  الإرادة هي من المخلوق: النية والضمير والعزم، وهي فيه عرض يجيء ويذهب، والكراهة في المخلوق أيضاً عرض يجيء ويذهب، وقد ثبت فيما تقدم أن الأعراض من خصائص الأجسام، وأن الله تعالى لا تحله الأعراض.