قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

المحبة

صفحة 218 - الجزء 1

  {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ....}⁣[المجادلة: ٢٢].

  فقضت هذه الآية بأنه لا يجتمع الإيمان بالله ومودة عدو الله.

  وكذلك لا تجتمع مودة أهل البيت ومودة أعدائهم في قلب رجل، وقد قيل: أعداؤك ثلاثة: عدوك، وعدو صديقك، وصديق عدوك، وقال بعض الشعراء:

  تود عدوي ثم تزعم أنني ... صديقك ليس النوك عنك بعازب

  وقال آخر:

  إذا صافا صديقك من تعادي ... فقد عاداك وانقطع الخطاب

  لذلك فإنا نقول: إن الذين يدعون أنهم يحبون علياً # ويحبون معاوية كاذبون في هذه الدعوى، ويحبون عمار بن ياسر ويحبون قاتله، ويحبون الحسين بن علي #، ويحبون قتلته، كلها دعاوي كاذبة، تكذبها فطر العقول وجبلات البشر التي فطرهم الله وجبلهم عليها من استحالة اجتماع مثل ذلك في شخص واحد.

المحبة

  المحبة هي ميل القلب إلى المحبوب، وهي من خلق الله وفطرته، لا حيلة للمكلف في حصول ذلك أو دفعه.

  وإذا حصلت المحبة في القلب تبعها في الحصول آثار فعلية، فإن كان المحبوب مالاً سعى المرء إلى تحصيله، وإن كان امرأة سعى إلى الزواج منها، وإن كان رجلاً سعى إلى نفعه والثناء عليه، و ... إلخ.

  فالأوامر الشرعية التي وردت في المودة يراد بها الآثار الفعلية التي تتعلق باللسان واليدين والرجلين ونحو ذلك.

  أما محبة القلب وميله إلى المحبوب فليست الأوامر والنواهي متوجهة إليه، وذلك لعدم تعلق قدرة الإنسان بها.