العقل
العقل
  العقل: صفة اختص الله تعالى بها المكلفين من عباده، عن طريقها تعرف المعارف وتحصل العلوم، وهذه الصفة عرض يعرض في الجسم ولا يبقى كبقائه، وليس القلب هو العقل، بل هو محل له؛ بدليل قوله تعالى: {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد: ٢٤]، {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}[الحج: ٤٦].
  وقيل إن محل العقل الدماغ، وعندي أن الخلاف في ماهية العقل وفي محله لا يتعلق به كبير فائدة بالنسبة لهذا العلم.
  وقد قال الإمام المهدي والمعتزلة: إن العقل هو العلوم الضرورية المجموعة في علوم عشرة جمعها الشاعر في قوله:
  فَعِلْمٌ بِحَالِ النَّفْسِ ثُمَّ بَدِيهَةٌ ... كذا خبرة ثم المشاهَدُ رابعُ
  وَدَائِرَةٌ وَالْقَصْدُ بَعْدَ تَواتُرٍ ... جَلِيُّ أُمُورٍ وَالتَّعَلُّقُ تَاسِعُ
  وَعَاشِرُها تَمْيِيزُ حُسْنٍ وضده ... فَتِلكَ عُلُومُ العَقْلِ مهما تُرَاجعُ(١)
  وهذا القول واضح الفساد، إذ ما من شك عند الجميع أن العقل آلة تكتسب بها العلوم والمعارف، فعن أي طريق حصلت تلك العلوم العشرة؟ أعن طريق العقل أم عن طريق غير طريقه؟
  فإن قالوا: عن طريق العقل فالعقل حينئذ غيرها؟
  وإن قالوا: عن غير طريقه، وذلك أن الله خلقها في الإنسان وجعلها فيه، فصار لذلك عاقلاً.
(١) (علم بحال النفس): أي: بوجودها وأحوالها من كونه مشتهياً ونافراً وآلماً وملتذاً. (ثم بديهة): مثل كون العشرة أكثر من الخمسة. (كذا خبرة): كانكسار الزجاج بالحجر. (ثم المشاهد): العلم بالمشاهَد عند سلامة الأحوال. (ودائرة): العلم بحصر القسمة الدائرة كالعلم بأن المعلوم لا يخلو إما أن يكون موجوداً أو معدوماً. (والقصد): العلم بمقاصد المخاطبين فيما تجلى وظهر. (بعد تواتر): العلم بمخبَر الخبر المتواتر. (جلي أمور): الأمور الجلية كعلم الإنسان بعد تعشيه أو تغديه ما كان طعامه وإدامه. (والتعلق): تعلق الفعل بفاعله على سبيل الجملة. (تمييز حسن وضده): العلم بقبح القبيح ووجوب الواجب العقليين كالظلم والكذب والعبث وقضاء الدين ورد الوديعة وشكر المنعم. (من عدة الأكياس بتصرف يسير).