قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

اقتضاء حكمة الله تعالى التفضيل

صفحة 213 - الجزء 1

  وأنه لا يتجاوز قدره العبودية لله والسمع والطاعة والانقياد والاستسلام.

  قد لبس لباس التواضع لله ø، وتردى برداء التذلل لربه، وصار ممن ذكرهم الله تعالى في سورة الفرقان وأثنى عليهم حين قال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ..} إلى آخر السورة [الفرقان: ٦٣].

اقتضاء حكمة الله تعالى التفضيل

  وقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يفضل بعض خلقه على بعض، ففضل بعض الملائكة على بعض، وفضل بعض الرسل على بعض، وفضل بعض الناس على بعض، وفضل بعض المؤمنين على بعض، وكلف الله تعالى عباده بالعمل على حسب ذلك، والرضا به، فكان ذلك من أشد التكاليف عليهم، وأشقها على نفوسهم، فسعد بذلك من سعد، وهلك به من هلك.

منكرو التفضيل والرد عليهم

  هذا، وقد أنكر كثير من الناس التفضيل، وأرعدوا، وأزبدوا، وما دعاهم إلى ذلك إلا الأنفة والترفع عن الاعتراف والإقرار به، وقد قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}⁣[البقرة: ٢٥٣].

  وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ٣٣}⁣[آل عمران].

  وقال سبحانه: {يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ٤٧}⁣[البقرة].

  وقال سبحانه وتعالى في تفضيل الرجال على النساء: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}⁣[البقرة: ٢٢٨]. {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}⁣[النساء: ٣٤].

  ومن المحسوس المشاهد تفضيل بعض الناس على بعض في الألوان والجمال والقوة والمنطق والأعمار والأرزاق و ... إلخ، وفضل الله المؤمن على الفاسق، والعالم على الجاهل فقال سبحانه وتعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}⁣[المجادلة: ١١].