قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

تفصيل أمير المؤمنين (ع) لأحوال الرواة

صفحة 170 - الجزء 1

تفصيل أمير المؤمنين (ع) لأحوال الرواة

  ولأمير المؤمنين # في أحوال الرواة تفصيل مذكور في نهج البلاغة ولفظة: (إن في أيدي الناس حقاً وباطلاً، وصدقاً وكذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وعاماً وخاصاً، ومحكماً ومتشابهاً، وحفظاً ووهماً، وقد كُذِبَ على رسول الله ÷ في عهده حتى قام خطيباً فقال: «من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار».

  وإنما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس، رجل منافق مظهر للإيمان متصنع بالإسلام، لا يتأثم، ولا يتحرج، يكذب على رسول الله ÷ متعمداً، فلو علم الناس أنه منافق كاذب لم يقبلوا منه ولم يصدقوا قوله، ولكنهم قالوا: صاحب رسول الله ÷ رآه، وسمع منه، ولقف عنه، فيأخذون عنه وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك، ووصفهم بما وصفهم به لك، ثم بقوا بعده ÷، فتقربوا إلى أئمة الضلال والدعاة إلى النار بالزور والبهتان، فولوهم الأعمال، وجعلوهم على رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصمه الله، فهذا أحد الأربعة.

  ورجل سمع من رسول الله ÷ شيئاً لم يحفظه على وجهه، فوهم فيه ولم يتعمد كذباً، فهو في يديه يرويه ويعمل به، ويقول: أنا سمعته من رسول الله ÷، فلو علم الناس أنه وهم فيه لم يقبلوا منه، ولو علم هو أنه كذلك لرفضه.

  ورجل ثالث سمع من رسول الله ÷ شيئاً يأمر به، ثم نهى عنه وهو لا يعلم، أو سمعه نهى عن شيء، ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ، فلو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.

  وآخر رابع لم يكذب على الله ø، ولا على رسوله، مبغض للكذب خوفاً لله تعالى، وتعظيماً لرسوله ÷، ولم يهم به، بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به على ما سمعه، ولم يزد فيه، ولم ينقص منه، وحفظ الناسخ، فعمل به، وحفظ المنسوخ فجنب عنه، وعرف الخاص والعام فوضع كل شيء موضعه، وعرف المتشابه ومحكمه.