قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

خاتمة هذا الباب

صفحة 196 - الجزء 1

  ثم خرج على أمير المؤمنين # طائفة كبيرة من أصحابه أنكروا عليه التحكيم، وخرجوا عن طاعته، فقاتلهم أمير المؤمنين، وهؤلاء هم الخوارج.

  فكما ترى انقسم المسلمون إلى ثلاثة أقسام:

  ١ - علي # وأنصاره.

  ٢ - معاوية وأنصاره.

  ٣ - الخوارج.

  فكان هذا أول انقسام ظهر على الساحة.

  وكل قسم من هذه الأقسام الثلاثة له مذهب يتميز به.

  وما زالت هذه المذاهب الثلاثة حية إلى اليوم، وما زال ذلك الطابع الذي هو طابع العداء بين الطوائف الثلاث حياً أيضاً لم تخف حدته مع طول التاريخ.

  و قد عُرفت كل طائفة من هذه الطوائف الثلاث باسم تعرف به وتدعى.

  فاسم الشيعة اسم يختص به أنصار أمير المؤمنين # وأتباعه.

  واسم الخوارج اسم يختص به الذين انشقوا من أصحاب علي # وحاربوه.

  واسم أهل السنة والجماعة اسم يختص به أنصار معاوية وأشياعه.

  غير أن أنصار معاوية وأتباعه سيطروا بعد استشهاد أمير المؤمنين على الساحة الإسلامية، وقوي نفوذهم، فعظم بذلك البلاء على شيعة علي #، وكان معظمهم في العراق، فتَتَبَّعهم معاوية وأشياعه، وقتلوهم إلا من تبرأ من دين علي #، وعلى ذلك سار ملوك بني أمية من بعد معاوية، ثم ملوك بني العباس، يتتبعون شيعة علي، ويقتلونهم تحت كل سماء، لذلك فإن مذهب أهل السنة والجماعة صار هو المسيطر في الساحة الإسلامية، وصار هو الدين الوحيد والمذهب الرسمي في جميع الأقطار الإسلامية، لا يعرف غيره، ولما جاء عصر التدوين دونت الكتب على قواعد مذهب أهل السنة والجماعة.

  أما مذهب شيعة علي # فقد غاب عن الساحة تماماً، ولم يعد له وجود، اللهم إلا في ظلمات صدور الشيعة، أو في غياهب السجون.