قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سلامة عقائد الزيدية من الخرافات ومخالفة فطر العقول

صفحة 208 - الجزء 1

  فهذا قول مرفوض عند العقل؛ لما فيه من المنافاة للعدل والإحسان الذي تمدح الله بنفيه عن نفسه، ولما فيه من الظلم الذي نفاه تعالى أيضاً عن نفسه.

  وقول بعضهم: إن الله تعالى هو الذي خلق المعصية في العاصي، وأوجدها، وشاءها، وأرادها، وقدرها، وإن العاصي مع ذلك فعلها باختياره، ومشيئته، وإرادته، فهذا قول متناقض، لا يصدق به العقل ولا يقبله، وذلك أن المعصية إذا كانت قد حدثت بفعل الله وإرادته ومشيئته وقضائه وقدره فأين فعل العاصي واختياره ومشيئته؟ وإن كانت حدثت بفعل العاصي فأين فعل الله؟

  وقول أهل السنة: إن الله تعالى سيرى يوم القيامة بلا كيف، لا يمكن للعقل أن يصدق ذلك ولا يقبله، وذلك أن الرؤية لا تقع إلا على ذي كيفيات، والمراد بالكيفيات الصفات الظاهرة من الطول والعرض والحركة والسكون واللون ونحو ذلك.

  ولا يمكن أبداً أن تقع رؤية العين على شيء لا هو متحرك، ولا ساكن، ولا طويل، ولا قصير، ولا عريض، ولا متلون بلون، ولا هو فوق، ولا تحت، ولا يمين، ولا شمال، لا خلف، ولا أمام، ولا هو قريب، ولا بعيد، ولا بين بين، ولا ... إلخ، فمثل ذلك لا يقبله عقل، ولا يصدق به، ومن المحال أن يؤمن به عاقل.

  ويتحير العقل في قول أهل السنة: إن الله تعالى هو الذي يخلق أفعال العباد الطاعات منها والمعاصي، ويستبعد ذلك، ولا يقبل به، ... ويتساءل: فما فائدة إرسال الرسل وإنزال الكتب ما دام أن الأمر مفروغ منه؟!

  ولماذا الثواب والعقاب في جنات النعيم، وفي عذاب الجحيم، ما دام أن الله تعالى هو الذي يتولى فعل الطاعات والمعاصي دون العباد؟!

  ويتساءل العقل: لماذا يعذب الله تعالى بأشد العذاب في نار جهنم عباده على غير شيء اجترحوه؟! ولماذا يعذبهم على شيء هو تعالى تولى فعله دونهم؟!