المحبة
  إذا عرفت ذلك فاعلم أن المحبة الفعلية التي تدخل تحت القدرة تتنوع بحسب تنوع الداعي إليها، والباعث عليها إلى أنواع:
  ١ - الإحسان إلى الوالدين الكافرين أو الفاسقين بغير معصية الله، فمثل ذلك جائز غير محرم، وهذا الإحسان ناتج عن باعث الرحم والقرابة، ومثل ذلك الإحسان إلى سائر الأقارب، قال تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً}[لقمان: ١٥].
  ٢ - الإحسان الحاصل بسبب داعي الكرم والحياء، كالإحسان إلى الجار، والصاحب، وكالمكافأة، وإكرام الضيف، وكالإحسان إلى من لم يسئ إليك، ونحو ذلك.
  ٣ - الإحسان الذي يدعو إليه حسن الأدب: كحسن المعاملة مع الناس عموماً في نحو: البيع والشراء، وحسن الكلام معهم، فما كان من هذه الأنواع الثلاثة أو يلحق بها فهو جائز غير محرم للكافر والفاسق وغيرهما.
  ٤ - وهناك نوع آخر محرم هو أن تحسن إلى الرجل من أجل أنه عدو لله، أو عدو لرسوله، أو عدو لكتابه، أو عدو لأهل بيت رسول الله ÷، أو عدو للمؤمنين، أو من أجل أنه ظالم، أو فاسق، أو ... إلخ إلا لعذر.
  والعذر هو أن يكون المرء خائفاً على نفسه فيجوز حينئذ أن يدفع عن نفسه بشيء من الإحسان الذي لا ضرر فيه على أحد من المؤمنين.
  ومن العذر أن يكون في الإحسان مصلحة وهي جر الفاسق إلى التوبة، أو ما أشبه ذلك.
  ٥ - ومما يحرم الإحسان إلى الكافر المحارب للإسلام، أو الفاسق المحارب للدين، أو المخالف في الدين المحارب للحق والمحقين، فالإحسان إلى هؤلاء ومن يشاكلهم بما يقوي جانبهم ويشد من أزرهم في حربهم محرم، وذلك كبيع السلاح وآلات الحرب إليهم، أو أن يعينهم في عداوتهم ومحاربتهم بنفسه أو بماله أو بلسانه أو حتى بإشارته، كأن يشير بإصبعه إلى الطريق المؤدية إلى مضرة المؤمنين والمسلمين.