قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الهجرة

صفحة 234 - الجزء 1

  ٣ - ودار فسق، وهي الدار التي تظهر فيها شعائر الإسلام. ويظهر فيها مع ذلك بعض الكبائر من غير نكير، كشرب الخمر والزنا والظلم وما أشبه ذلك.

  قال بعض العلماء: لا تجب الهجرة بعد فتح مكة، لا من دار كفر، ولا من دار فسق، لقوله ÷: «لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية».

  قلنا: المراد لا هجرة من مكة بعد الفتح؛ لأنها قد صارت بعد الفتح دار إسلام، فلا داعي للهجرة حينئذٍ.

  يدل على ذلك ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها» أخرجه أبو داوود.

  وروي: «لا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار» رواه جمع من أهل الحديث منهم أحمد والبيهقي.

  وروي: «لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل».

  و «لا تنقطع الهجرة ما تقبلت التوبة».

  و «لا تنقطع الهجرة ما قوتل العدو».

  قال جمهور أئمتنا $: وتجب الهجرة من دار الفسق.

  وخالف في ذلك بعض أئمتنا $، والفقهاء الأربعة، فقالوا: لا تجب الهجرة من دار الفسق.

  والجواب:

  قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً ٩٧ إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً ٩٨}⁣[النساء] ولم يفصل تعالى في هذه الآية بين دار الكفر ودار الفسق.

  وقوله ÷: «لا يحل لعين ترى الله يعصى فتطرف حتى تغير أو تنتقل».

  وقد أوسع الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد # الاحتجاج في هذا الباب في (رسالة التحذير).