قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

تفصيل وتوضيح

صفحة 236 - الجزء 1

  باطلاً حين أدناك، اتخذوك قطباً تدور عليك رحى باطلهم، وجسراً يعبرون عليك إلى بلائهم، وسلماً يصعدون فيك إلى ضلالهم، ويدخلون بك الشك على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجهلاء، فما أيسر ما عمروا بك في جنب ما خربوا عليك، وما أكثر ما أخذوا منك فيما أفسدوا عليك من دينك .... إلخ.

  ٤ - لا يجوز الحضور والقعود في مجالس العصيان؛ لقوله تعالى: {وَقَدْ نُزِّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ .... الآية}⁣[النساء: ١٤٠].

  وقوله ÷: «لا يحلُّ لعينٍ ترى اللهَ يُعصى فتطرفَ حتى تغيرَ أو تنتقلَ».

  وهناك حالة لا يحصل فيها شيء مما ذكرنا من الحالات الأربع.

  فالظاهر حينئذ جواز السكنى في دار الفسق، وهي: ألا يكون في الزمان داع إلى الحق.

  وأن لا يحمل المكلف على فعل المعصية.

  وأن لا يكون منه أي معاونة للظالمين والفاسقين، ولا إيناسهم وتسويدهم، وأن لا يكون منه حضور مجالس المنكرات.

  والدليل على ما ذكرنا ما علم من سكنى الحسنين @ المدينة المنورة في عهد معاوية.

  وقبل ذلك ما علم من سكنى أمير المؤمنين # لها أيام الثلاثة.

  ثم من بعد ذلك زين العابدين وأولاد الحسن $، فإنهم سكنوا المدينة إلى آخر أيام بني أمية، والمدينة حينئذ دار بغي وظلم، لسلطان جبابرة بني أمية عليها، وبغيهم فيها، وإظهارهم فيها للعن علي #، ولعن شيعته.

  يؤيد ذلك: ما رواه الناصر الأطروش بسنده عن زيد بن علي عن آبائه عن علي #: قال: قال له رجل: يا أمير المؤمنين أرأيت قومنا أمشركون هم؟ يعني أهل القبلة، قال #: (لا، ولو كانوا مشركين ما حلت لنا مناكحتهم، ولا ذبائحهم، ولا مواريثهم، ولا المقام بين أظهرهم، ولا جرت الحدود عليهم، ولكنهم كفروا بالأحكام، وكفروا بالنعم والأعمال، وكفر النعم غير كفر الشرك).