قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

خلف الوعد والوعيد

صفحة 262 - الجزء 1

كتاب الوعد والوعيد

  الإيمان باليوم الآخر هو من أركان الإيمان التي لا يتم إلا بالإيمان به، والوعد والوعيد هما الغاية من اليوم الآخر، وما سوى ذلك فهو كالمقدمة.

  والمراد بالوعد هو ما أخبر الله تعالى به من استحقاق المطيع للثواب الدائم في جنات النعيم.

  والمراد بالوعيد ما أخبر الله تعالى به من استحقاق العاصي للعقاب الدائم في عذاب الجحيم.

  والقرآن مملوء بذكر ذلك، وأنه جزاء على الأعمال، وقد ذكر أمير المؤمنين # وجه الحكمة في ذلك، فقال #: (إن الله وضع الثواب على طاعته والعقاب على معصيته ذيادة لعباده عن نقمته، وحياشة لهم إلى جنته).

  ومعنى ذلك: أن الوعد والوعيد سبب زاجر عن اقتراف المآثم والعظائم، وعن الدخول في الظلم والعدوان، وعن الدخول في شيء من أدناس المعاصي، وسبب داع إلى فعل الحسنات، وتزكية النفس، ومعالي الأخلاق، ومحاسن الأعمال، وشكر النعمة، وذلك سبب لرضا الله تعالى وللدخول في رحمته والسلامة من عذابه.

خلف الوعد والوعيد

  قالت العدلية: ولا يجوز على الله تعالى أن يخلف الوعد والوعيد؛ لأن ذلك صفة نقص، والله يتعالى عن كل نقص، وقد قال سبحانه: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ٢٩}⁣[ق]، وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ٩}⁣[آل عمران].

  وقالت المجبرة: بل يجوز على الله خلف ذلك.

  والجواب: أنَّ الله تعالى يقول {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ٢}⁣[البقرة] فلو جوَّزنا خلف الوعد والوعيد على الله تعالى لدخل الريب في الآيات التي ذكرنا، والارتياب في شيء من الآيات كفر.