الحساب
  ولا دليل على إعادة الفضلات، كالسمن الزائد على قدر الحاجة، وكاليد الزائدة، والإصبع الزائدة، وفضلات الأظفار، وفضلات الشعر.
  والحكمة في بعث غير المكلفين ممن نفخ فيه الروح هي أن يوفيهم الله تعالى الأعواض التي استحقتها بما نالها من الآلام في الدنيا، إما من بعضها البعض، أو من الآدميين: كالذبح والحمل عليها والحرث، ونحو ذلك وإمَّا من الله تعالى، فيوفيها سبحانه أعواض ذلك في الدَّار الآخرة.
  وقد قيل: إن الله تعالى سيناصف بينها حتى بين القرناء والجماء، وهذا القول مما لا ينبغي الالتفات إليه؛ وذلك لأنها ليست من أهل العقول ولا من أهل التكليف، ألا ترى أن الله تعالى رفع القلم عن الصبي والمجنون لعدم العقل، ومعنى رفع القلم هو رفع المؤاخذة.
الحساب
  الحساب من أحوال القيامة، وقد ذكره الله تعالى في كثير من الآيات، كقوله في المؤمن: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً ٨}[الانشقاق].
  غير أن محاسبة الله تعالى للخلائق يومئذ لا تكون كمحاسبة أحدنا لصاحبه في الدنيا، ودليل ذلك قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}[آل عمران: ١٩٩] ونحوه، وروي أن أمير المؤمنين # سئل: كيف يحاسب الله تعالى الخلق في وقت واحد؟ فقال #: (كما يرزقهم في وقت واحد).
  فإن قلت: ما فائدة الحساب والمعلوم أن المؤمن تبشره الملائكة عند الموت بالجنة وبالنجاة من النار، وتطمئنه لئلا يخاف ولا يحزن، والمجرم تبشره الملائكة عند الموت بمصيره المشؤوم في سخط الله وعذابه؟
  قلنا: فائدةُ الحساب مع علم كل مكلف بما يصير إليه من النعيم أو العذاب الأليم إظهار العدل في حق المجرمين، وإظهار فضل الله وسعة رحمته في حق المؤمنين، مع ما يتبع ذلك من الفضائح على رؤوس الأشهاد، وزيادة الحسرة والغم والندم والخزي ونحو ذلك في حق الظالمين، حتى يقول الظالم حينئذ: (أرحني يا رب ولو إلى النار) من شدة الفضائح.