قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

والله تعالى سامع مبصر

صفحة 37 - الجزء 1

  والدليل على ذلك: أن الذي يستدعي الحاجة هو إما الشهوة وإما النفار، فإذا حصلت الشهوة طلب صاحبها ما يشبعها، فإذا كانت شهوة طعام طلب صاحبها الطعام، وإن كانت شهوة نكاح طلب لها النساء، وإن كانت شهوة تجارة طلب أسبابها، وهكذا؛ فصاحب الشهوة كما ترى محتاج فيما ذكرنا إلى ما يشبعها من الطعام والنساء و ... إلخ.

  والنفار هو ضد الشهوة، فإذا حصل النفار فإن صاحبه يطلب ما يدفعه عن نفسه، ومن هنا فإن الإنسان يتخذ لنفسه بيتا يكنه من الأمطار، ويدفع عنه أذى الحر والبرد، ويعد لنفسه عُدَدَ الحرب ليدفع به أذى الأعداء و ... إلخ.

  وهذان الوصفان اللذان هما الشهوة والنفار هما من طبائع الأجسام، والله تعالى ليس بجسم، وحينئذ فلا يوجد ما يستدعي الحاجة في حق الله تعالى، فإنه تعالى ليس بجسم.

  هذا، والمراد بالحاجة هنا هي: جلب المنفعة ودفع المضرة.

  والمنفعة: هي التلذذ بالمنافع وما يتبعها من الفرح والسرور.

  والمضرة: هي الألم وما يتبعه من غم وحزن.

  واللذة والألم عرضان لا يتصوران إلا في جسم.

  ومما يدل على غناه جل وعلا أنه سبحانه لم يجبر من عصاه على فعل الطاعة التي أمرهم بها، فلو أنه ø في حاجة إليها لأجبرهم على فعلها، لأنه على كل شيء قدير.

  ووجدناه تعالى لم يوجد كل الأشياء دفعة واحدة مع قدرته على ذلك، فلو كان محتاجاً إليها لأوجدها دفعة واحدة لعدم المانع.