مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

كتاب تثبيت الإمامة

صفحة 193 - الجزء 1

  ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ١٢٨ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}⁣[البقرة: ١٢٧ - ١٢٩].

  فقبلنا منهم، وشهدنا أن الأمة المسلمة خلقها اللّه تبارك وتعالى من ذرية إسماعيل خاصة وأنهم آل إبراهيم الذين اصطفاهم اللّه على العالمين، وأنهم أهل البيت الذين رفع اللّه منهم الأئمة من ذرية إبراهيم وإسماعيل، وبعث فيهم الرسول.

  فصار النبي - الذي بعث اللّه ø - محمداً عليه وعلى آله الصلاة والسلام، وصار أولئك ذرية إبراهيم حقاً يقيناً، لأن الأمة اجتمعت على أن إبراهيم المصطفى، وذرية إبراهيم الذين على دين إبراهيم.

  واجتمعت الأمة على: أن بني هاشم هم الذين استجابوا للرسول ÷ وصدقوه، فتلى عليهم آياته كما تلى عليهم الكتاب والحكمة وزكاهم.

  واجتمعت الأمة على: أنهم فيها أمة وسطاً ليكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليهم شهيداً، فجعل اللّه محمداً ÷ شهيداً بما أنزل عليهم من تلاوة الكتاب وتعليمه إياهم الكتاب، وكما قال إبراهيم وإسماعيل: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ}⁣[البقرة: ١٢٨] ولم يقولا: اجعل الأمة مسلمة من ذريتنا ومن غير ذريتنا، ولكنهما أفردا الأمة المسلمة، {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} خاصة، {وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ}، ولم يقولا: وابعث من غيرهم رسولاً، ولكنهما قالا: ومن ذريتنا، وابعث فيهم رسولا منهم، فصار الرسول من أنفسهم شهيداً عليهم بما انتهى إليهم من الكتاب، وصاروا شهداء على الناس بما يكون على الناس من علم الكتاب والحكمة.

  وقال اللّه ø: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ٧٧ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا