مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

مقتل عثمان

صفحة 290 - الجزء 1

  رسول اللّه صلى اللّه الفُسَّاق والمخنّثُون. ومع ضربه ابن مسعود⁣(⁣١) ¥


= فقال أبو ذر: ما أبغض إليّ جوارك، فإلى أين أخرج؟ قال عثمان: إلى حيث شئت، قال أبو ذر: أخرج إلى أرض الشام أرض الجهاد؛ فأبى عثمان، وقال: إنما جليتك منها لما أفسدتها، قال: فإلى العراق؛ فأبى عثمان، قال: فإلى مصر؛ فأبى، فنفاه عثمان وأخرجه إلى الربذة مكرهاً غير مختار.

ثم أمر مروان بن الحكم بإخراجه إلى الربذة؛ فهذا هو النفي الثالث الذي واجهه أبو ذر من عثمان بن عفان، والله هو الحكم، وإليه المرجع والمآب، وهو الذي يفصل ويأخذ للمظلوم ممن ظلمه.

ومصادر هذه الحادثة كثيرة، منها: تاريخ اليعقوبي (٢/ ٦٨ - ٦٩)، ومروج الذهب للمسعودي (٢/ ٣٥٨)، المغازي للواقدي، شرح ابن أبي الحديد (٤/ ٣٧٥)، والغدير للأميني (٨/ ٢٩٣)، وغيرها.

(١) عبدالله بن مسعود بن غافل بن حبيب التميمي، فقيه الأمة، كان من السابقين الأولين ونجباء الصحابة، هاجر الهجرتين، وشهد بدراً والمشاهد كلها، وكان من شيعة أمير المؤمنين # ومحبيه وممن يفضله، توفي سنة (٣٢ هـ).

وكانت قصته مع عثمان على ما يلي:

كان عبدالله بن مسعود على مفاتيح بيت مال المسلمين في الكوفة، وكان الوالي عليها سعد بن أبي وقاص، فلما عزله عثمان وولى مكانه الوليد بن عقبة - أخو عثمان من الرضاعة - الذي سماه الله ø فاسقاً في قوله: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ}⁣[الحجرات] وغيرها من الآيات.

فلما تولى الوليد أتى عبدالله بن مسعود إليه وألقى إليه مفاتيح بيت مال المسلمين، وقال: من غَيَّر غَيَّر الله ما به، ومن بدل أسخط الله عليه، وما أرى صاحبكم إلا وقد غير وبدل، أيُعزل مثل سعد بن أبي وقاص، ويولى الوليد.

وكان يقول كل يوم جمعة بالكوفة جاهراً معلناً: «إن أصدق القول كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد ÷، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدث بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» حتى غضب عليه الوليد، فكتب إلى عثمان بذلك وقال: إنه يعيبك ويطعن عليك.

فكتب إليه عثمان يأمره بإشخاصه إليه، فاجتمع الناس فقالوا: أقم ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه، فقال: إن له عليَّ حق الطاعة ولا أحب أن أكون أول من فتح باب الفتن، فرد الناس وخرج إليه، وشيَّعه أهل الكوفة فأوصاهم بتقوى الله ولزوم القرآن، فقالوا له: جزيت خيراً، فلقد علَّمت =