والإغواء في لغة العرب يجيء لمعان
  ولا يجوز تفسير ذلك بالإغواء عن طريق الحق، لأن الله تعالى عدل حكيم لا يفعله.
  وقالت المجبرة في قوله تعالى: {يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ}[فاطر: ٨] وقوله تعالى: {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ}[إبراهيم: ٢٧]، ونحو ذلك إنه بمعنى: يغويهم عن طريق الحق، ويدخلهم في الضلال.
  قلنا: ذلك نقص لا يفعله الحكيم، وسبٌّ له تعالى، وحطٌّ له جلّ وعلا عن القداسة، وعن العدل والحكمة، مع ما في ذلك من التزكية لإبليس وجنوده، حيث نزهوا إبليس عن الإغواء والإضلال، ثم رموا ربهم جل وعلا بفعل إبليس. سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً.
  قال تعالى فيما يحكيه عن قول إبليس: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ٨٢ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ٨٣}[ص].
والإغواء في لغة العرب يجيء لمعان(١):
  ١ - بمعنى الصرف عن واضح الطريق.
  ٢ - وبمعنى الإتعاب للحيوان، يقال: أغوى الفصيل، إذا أتعبه بحبسه عن الماء واللبن.
  ٣ - وبمعنى الحكم والتسمية.
(١) منها ما ذكره في لسان العرب قال فيه: غوى: الغَيُّ: الضَّلالُ والخَيْبَة. ابْنُ الأَعرابي: الغَيُّ الفَسادُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: غَوٍ هُوَ اسمُ الفاعِلِ مِنْ غَوِيَ لَا مِنْ غَوَى، وَكَذَلِكَ غَوِيٌّ، وَنَظِيرُهُ رَشَدَ فَهُوَ راشِدٌ ورَشِدَ فَهُوَ رَشِيدٌ. يُقَالُ: غَوَى الرجُلُ خابَ وأَغْوَاه غَيْرُه، وَقَوْلُهُ ø: وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى، أَي فسَدَ عَلَيْهِ عَيْشُه، قَالَ: والغَوَّةُ والغَيَّةُ وَاحِدٌ. وَقِيلَ: غَوَى أَي ترَك النَّهْيَ وأَكلَ مِنَ الشَّجَرة. وأَرْضٌ مَغْوَاةٌ: مَضَلة. وغَوِيَ الفصيلُ والسَّخْلَة يَغْوِي غَوىً فَهُوَ غَوٍ: بَشِمَ مِنَ اللبنِ وفَسَدَ جَوْفُه، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُمْنَع مِنَ الرَّضاعِ فَلَا يَرْوى حَتَّى يُهْزَل ويَضُرَّ بِهِ الجوعُ وتَسُوءَ حالُه ويموتَ هُزالًا أَو يكادَ يَهْلِكُ. والغَوَى: البَشَمُ، وَيُقَالُ: العَطَش. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب يُقَالُ: بتُّ مُغْوًى وغَوًى وغَوِيّاً وقاوِياً وقَوًى وقَويّاً ومُقْوِياً إِذَا بِتَّ مُخْلِياً مُوحِشاً. وَيُقَالُ رأَيته غَوِيّاً مِنَ الْجُوعِ وقَويّاً وَضوِيّاً وطَوِيّاً إِذَا كَانَ جائِعاً. (منه باختصار).