الحكمة في خلق المكلفين
  والجواب: أن ما ذكرته المجبرة مسبة لله تعالى حيث نسبوا إليه ما لا يليق بجلاله.
  هذا، وصرائح القرآن ترد عليهم قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ٤٤}[يونس]، {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً ٤٠}[النساء]، {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ١٥}[الإسراء].
  والقرآن عربي، نزل على العرب بلغتهم العربية، وقد كانوا يفهمون معنى الظلم والعدل، ولا شك أن ما ذكرته المجبرة مناف لما تفهمه العرب من معنى الظلم والعدل.
  وقد فصل الله تعالى وبين وأوضح غاية الإيضاح معنى ما تمدح بنفيه عن نفسه فقال سبحانه وتعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ٨} وقال سبحانه: {وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ٤٧}[الأنبياء].
  وأخبر سبحانه عما يكون يوم الحساب من شهادة الشهداء، وشهادة الجوارح والأعضاء والكتبة و الكتب، وثقل الموازين وخفتها ... وإلخ. وفي ذلك من البيان لما تمدح الله تعالى به من العدل ونفي الظلم عن نفسه ما لا يخفى.
  وقال سبحانه وتعالى بعد ذكره للإنذار والحجج على ألسنة رسله À: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[النساء: ١٦٥].
  ولو كان الأمر كما تقوله الحشوية وبعض المجبرة لكان للأطفال الذين يعذبون في النار أعظم حجة على ربهم.
الحكمة في خلق المكلفين
  قد أوضح الله ﷻ الحكمة في خلق المكلفين فقال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}[الذاريات]، والعبادة هي طريق الفوز بجزيل الثواب، ورفيع الدرجات في جنات النعيم، فبناءً على هذا تكون الحكمة في خلق المكلفين هي تعريضهم لذلك الخير العظيم، والدرجات الرفيعة، وهذا تفضل من الله ø، وإحسان ورحمة.