قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

تكليف ما لا يطاق

صفحة 141 - الجزء 1

  أكانت عقلية أم شرعية، فالمكلف محمّل فعل الواجب كالصلاة وسائر الواجبات الشرعية والعقلية، ومحمّل ترك الحرام كالزنا والظلم ونحوهما، ومحمّل فعل المندوب وترك المكروه على جهة الأولى لا الحتم، ومحمّل معرفة حكم المباح.

  والوجه في حسن التكليف كونه سبباً في الفوز بالنعيم الدائم والدرجات العالية في جنات النعيم، وهذا بالإضافة إلى ما تقدم في أول كتاب العدل من المصالح والحكم الراجعة إلى المكلف في الحياة الدنيا، ومن كونها شكراً لله تعالى، وهناك عقبات تصاحب هذا التكليف تزيد من شدته وصعوبته، وذلك نحو: إمهال إبليس إلى يوم الدين، والتخلية بينه وبين إغواء العباد، ونحو: إنزال المتشابه من القرآن، ودمجه مع المحكم، وإبقاء المنسوخ من القرآن يتلى مع الناسخ، وكتفريق آيات الأحكام الخمسة في القرآن، وكزيادة داعي الشهوة، والابتلاء بالمصائب والآلام والفقر، وكالجهاد، كل ذلك من أجل العرض على الفوز بالنعيم الدائم والدرجات العالية في جنات النعيم، وذلك أن الأجر على قدر المشقة، فكلما زادت مشقة التكليف زاد الأجر والثواب، ومن هنا يعرف حسن زيادة التكليف.

  وهذا بالإضافة إلى ما في زيادته من التمحيص والاختبار الذي به يتميز صادق الإيمان من كاذبه.

تكليف ما لا يطاق

  قال الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة: ٢٨٦] وقال سبحانه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا}⁣[الطلاق: ٧] وقال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم}⁣[التغابن: ١٦] وقال سبحانه: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}⁣[آل عمران: ٩٧] وقال تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ}⁣[المائدة: ٦]، وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة: ١٨٥] إلى غير ذلك من الآيات في هذا الباب.