قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

فواتح السور

صفحة 164 - الجزء 1

  قلنا: المعروف أن الكلام في لغة العرب حروف وأصوات، أما ما ذكرته الأشعرية فغير معروف، ولا يجوز أن نفسر ألفاظ القرآن بما لا يعرف عند العرب، وقد قال الله تعالى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ١٩٥}⁣[الشعراء].

  وقال الله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً ١٦٤}⁣[النساء] والمعلوم أن الذي سمع موسى هو حروف وأصوات، أما الكلام النفسي الذي تدعيه الأشعرية فإنه غير مسموع.

  وقال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}⁣[التوبة: ٦].

  والذي يسمعه المشركون وغيرهم حروف وأصوات، أما الكلام النفسي فلا يسمعه أحد.

  وروى الإمام يحيى # عن الأشعرية أن الكلام يطلق بالاشتراك على معنيين:

  أحدهما: على المعنى القائم بالنفس.

  وثانيهما: على هذه الحروف المسموعة.

  وحينئذ فلا نزاع بيننا وبينهم في أن هذا المسموع يسمى كلام الله تعالى حقيقة، وإنما الخلاف في أن كلام الله تعالى يطلق على المعنى القائم بالنفس، فالأشعرية يثبتون أنه يطلق عليه اسم الكلام حقيقة، والحروف والأصوات المسموعة عبارة عن ذلك المعنى القائم في النفس وترجمة له.

  ونحن ننكر ذلك وننفيه ونقول: لا يجوز إثبات شيء إلا بدليل، وما لا دليل عليه فيجب نفيه {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ١١١}⁣[البقرة].