قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الداعي للأشعرية إلى القول بالكلام النفسي والجواب عليهم

صفحة 166 - الجزء 1

  ٣ - قال سبحانه: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً}⁣[الزخرف: ٣] فالقرآن بنص هذه الآية مفعول بفعل فاعل هو الله تعالى، إلى غير ذلك من الآيات التي تنص على أن القرآن مفعول لله تعالى كقوله تعالى: {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ١}⁣[هود].

  وقد تستدل الأشعرية على إثبات الكلام النفسي بأمور:

  ١ - بما يروى من أن القرآن محفوظ في صدور العلماء.

  ٢ - بما يروى من قول الشاعر:

  إنَّ الكلامَ لفي الفؤاد وإنَّما ... جُعلَ اللِّسانُ على الفُؤاد دَلِيلا

  ٣ - بأن المسموع إنما هو كلام القاري من بر أو فاجر أو صغير أو كبير، لا كلام الله تعالى، وكل ذلك يدل على أن كلام الله تعالى هو الكلام النفسي، لا الكلام المسموع الذي هو حروف وأصوات.

  والجواب:

  ١ - المراد بأن القرآن محفوظ في الصدور هو أن حافظ القرآن قد ارتسمت آيات القرآن في صدره على ما هي عليه من الترتيب، بحيث إنه يستطيع أن يتلوها كما أنزلها الله تعالى.

  والأشعرية لا تفسر الكلام النفسي بذلك.

  ٢ - والشاعر أراد أن اللسان يبين ويترجم ما يتصوره المتكلم من الكلام في قلبه، والأشعرية لا تفسر الكلام النفسي بذلك.

  ٣ - المسموع من القرآن يسمى كلام الله تعالى على أي لسان كان، وهذا هو المعروف عند جميع المسلمين، وعليه جرى العرف اللغوي، لذلك فإنهم يسمون ما سمع من قصيدة امرئ القيس، كلام امرئ القيس وما سمع من خطب أمير المؤمنين # كلام أمير المؤمنين، وهكذا ما سمع من القرآن فإنهم يسمونه كلام الله تعالى، ويسمونه قرآناً، وعلى هذا جاء القرآن في قوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّه ...}⁣[التوبة: ٦].