أهم شروط الإمامة
  ولأن من ذكرنا أمسّ رحماً بالنبي ÷، وقد قال تعالى: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ...}[الأنفال: ٧٥].
  وهذا في حين أن الحديثين المذكورين من أحاديث الآحاد التي لا تفيد إن صحت إلا الظن، وما نحن فيه من مسائل العلم والاعتقاد التي لا تثبت إلا بالأدلة القطعية المعلومة، ودليلنا متواتر معلوم، متأيد بآيات الكتاب، وما لا يكاد يحصى من أحاديث النبي ÷.
  وقد كان الواجب على الأمة بعد موت النبي ÷ - ولو لم يكن ثَمَّ نصوص - أن تنصب بعد موته لشغل منصة الخلافة أهل بيته، وذلك أن أهل بيت الرجل أحق الناس بمكانه، وعلى هذا كانت جميع العرب والعجم، وما زالوا على ذلك إلى هذا القرن، غير أن الأمة بعد موته ÷ تنكرت للسنة العامة للبشر، وخرجت عن قوانينها، وأعرضت عن نصوص نبيها كل الإعراض.
  وأما العلم فيشترط أن يكون مجتهداً، وذلك أن الإمام خليفة للنبي ÷، وقائم مقامه، ولا يستطيع القيام بحق الخلافة إلا العالم المجتهد، أما الجاهل فلا يتصور منه القيام بتطبيق شرائع الإسلام وتنفيذها.
  وأما الورع فهو العمدة التي تدور عليه رحا الخلافة؛ لأن الغاية من الخلافة هي إقامة العدل بين الناس، والإنصاف، و .... إلخ، والذي لا يتورع عن المحارم لا يحصل منه ذلك؛ لأن النجاسة لا تطهر إذا غسلت بالنجاسة، وإنما تطهر بغسلها بالماء الطاهر.
  قال بعض المتكلمين: إن الإمامة والخلافة تنعقد لصاحبها بالغلبة ولو فاسقاً وجاهلا، وهذا مذهب شائع عند أهل السنة، والذي يظهر لي أنه مذهب فرضه الواقع السياسي، فقد كان الناس يبايعون بالإمامة والخلافة منذ عهد معاوية للمتغلب على السلطان، من غير نظر إلى استحقاق المتغلب للإمامة، وبذلك يسمى إماماً وخليفة.
  ولا يحتاج رد مثل هذا القول إلى إيراد الأدلة، ففطر العقول لا ترى الخائن