قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الأدلة على إمامة علي (ع)

صفحة 190 - الجزء 1

  اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله»⁣(⁣١).

  وكل من هذين الخبرين يفيد إمامة أمير المؤمنين #:

  أما الخبر الأول: فقد أثبت ÷ لعلي كل منازل هارون من موسى، ولم يستثن إلا النبوة، فكان علي # بذلك هو خليفة النبي ÷، ووزيره، وأخاه.

  وأما الخبر الثاني: فكلمة (مولى) في قوله ÷: «من كنت مولاه فعلي مولاه» تحمل عدة معان بالاشتراك، والمراد هنا من تلك المعاني ولي الأمر الذي يعني الخلافة، وولاية الأمر ثابتة للنبي ÷ على جميع أمته، ومن هنا خاطب ÷ الجموع المتجمعة في ذلك المشهد الحافل بغدير خم مقرراً لهم على هذا المعنى: ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فلما أقروا بذلك على أنفسهم، واعترفوا به، قال ÷: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه ... إلخ.

  فربط ÷ بين ولايته وولاية علي #، وجعلهما شيئين متلازمين، فلا يتم أحدهما إلا بالآخر، إشارة منه ÷ إلى أن ولاية علي # جزء من ولايته، لا يتم إيمان أحد إلا بالإذعان لولايته # والإيمان بها.

  ثم ختم ÷ كلامه ذلك بالدعاء، فقال ÷: «اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه وانصر من نصره، واخذل من خذله، و ... إلخ».

  وفي ذلك من التأكيد والتشديد ما لا يخفى، فإن المؤمن إذا سمع ذلك الدعاء النبوي يعلم أنه دعاء مجاب لا محالة، فيدعوه ذلك إلى العناية في القيام بموالاة علي # ونصرته، ويخاف أشد الخوف من التفريط في ذلك؛ حذراً من أن تصيبه الدعوة النبوية.

  وفي هذا الدعاء أيضاً دليل واضح على أن المفرط في ولاية أمير المؤمنين والداخل في عداوته خارج عن ولاية الله إلى عداوته، وأنه ليس من الله في شيء.


(١) مسند البزار (٣/ ٣٤/رقم ٧٨٦)، السنن الكبرى للنسائي (٧/ ٤٤٤/رقم ٨٤٢٩)، سنن ابن ماجه (١/ ٤٣/رقم ١١٦)، المستدرك على الصحيحين (٣/ ٦١٣/رقم ٦٢٧٢)، المعجم الكبير للطبراني (٥/ ٢١٢/ رقم ٥١٢٨)، السنن الكبرى للنسائي (٧/ ٤٤٢/رقم ٨٤٢٦)، جامع المسانيد والسنن (٣/ ١٠٨/ رقم ٣٣٢٣)، فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل (٢/ ٥٩٩/رقم ١٠٢٢)، وفي المسند (٢/ ٢٦٧/رقم ٩٥٠، ٩٥١) بعضها يروي الحديث بتمامه، وبعضها يذكر أوله فقط وقد يذكر في موضع آخر بقيته.