قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الدليل على بطلان هذا المذهب

صفحة 200 - الجزء 1

  فقد تجاوز أهل السنة والجماعة الحدود في هذه الفضيلة، وغلوا فيها حتى جعلوها حصانة لا تضر معها معصية، وهذا في حين أنهم فرَّطوا غاية التفريط في حق قرابة الرسول ÷، فلم يرفعوا له رأساً، ولم يلتفتوا إليه، مع ما جاء في حقهم في دين الإسلام، من ذلك ما رواه البخاري في عدة مواضع من الصحيح: «علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي».

  ومن ذلك ما جاء في البخاري⁣(⁣١) وغيره من نزول آية المودة {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}⁣[الشورى: ٢٣] في علي وفاطمة والحسن والحسين $، ومن الأمر بالصلاة عليهم مع النبي ÷، ومن الأمر بحبهم، وغير ذلك كثير، فإن أهل السنة والجماعة فرطوا في هذا الجانب، والدليل على تفريطهم أنهم لم يجرحوا في عدالة الذين كانوا يبغضون علياً #، بل عدلوهم، ورووا عنهم الأحاديث وصححوها.

  ٦ - ومن أصولهم تقليد السلف في أمور دينهم الصغير منها والكبير، وتراهم يتعصبون في ذلك ويتشددون فيه، ولا يلتفتون إلى ما خالفه من صرائح الكتاب والسنة، ولا يقيمون له وزناً، ولا يرفعون له رأساً.

  والسلف هم الجم الغفير والغالبية العظمى التي سيطرت على الساحة الإسلامية، بعد صلح الحسن بن علي في عام الجماعة، وذلك يتمثل في معاوية بن أبي سفيان وأشياعه وأنصاره، فهم الذين سيطروا على البلاد الإسلامية، وفرضوا عليها تلك المذاهب والأفكار، وقهروا الناس على اعتناقها.

  أما مذهب علي # وأتباعه وأشياعه وأنصاره فقد كنسوه من البلاد كنساً، وتتبعوه بكل ما أوتوا من القوة تتبعاً، حتى غاب عن الساحة تماماً، واختفى بالكلية.

  ومذهب الخوارج هو الآخر لم يبق له وجود على الساحة.

  ولا نقول إنه انتهى في ذلك الحين مذهب علي # وأتباعه تماماً.

  غير أن من سلم من أتباع علي # من القتل قد صانع القوم، وماكرهم، وأظهر الرضا بمذهب أهل السنة والجماعة، وهو في الباطن بخلاف ذلك.


(١) سبق تخريجه.