قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

السبب في انتشار مذهب أهل السنة

صفحة 202 - الجزء 1

  أهل بدر وأهل بيعة الرضوان، وقتل أيضاً في سبيله الصحابيان الجليلان صبراً: حجر بن عدي الكندي، وعمرو بن الحمق الخزاعي، ثم قتل في سبيله الحسين بن علي بن أبي طالب # في كربلاء، مع سبعة عشر رجلاً من أهل بيته وأولاده، وجماعة كبيرة من الصالحين، وهذا المذهب وإن كان هو المذهب الحق فقد نكبه الدهر، ولم يساعده الحظ، فأصيب بالشلل، وتماماً كما جاء في الحديث: «ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها»⁣(⁣١).

  ولقد كان المفروض أن يكون هذا المذهب الحق هو المذهب الرسمي في البلدان الإسلامية، والمذهب المسيطر على الساحة، غير أن الواقع قد كان بخلاف ذلك.

  في الأثر: (الناس مع الدنيا والملوك) (ودين الرعية على دين الراعي)؛ لذلك ضعف مذهب الحق والدين الصحيح، وقل أنصاره وأتباعه.

  وجماهير المسلمين يتعصبون للواقع من غير نظر في صحته، والخلف يتبع السلف، ويستعظمون النقد والنقاش حول مصداقية ذلك المذهب وعدمها، ويرون ذلك جريمة عظيمة مخرجة لصاحبها من الإسلام تقريباً.

  ومع ضعف مذهب الشيعة بسبب قوة شوكة عدوه، ونفوذ سلطانهم وسيطرتهم وكثرة أتباعهم وأنصارهم فإنه مع ذلك قد تعرض لنكبة أخرى داخلية وهي الاختلاف فيما بينهم والانقسام.

  وأول ما حدث ذلك عند قيام الإمام زيد بن علي #، فإن طائفة من الشيعة رفضت الجهاد مع زيد بن علي #، معللين ذلك بأن الإمام هو جعفر بن محمد، لا زيد بن علي، فقال لهم زيد # بعد نقاش وجدال: اذهبوا فأنتم الرافضة الذين قال جدي رسول الله ÷: «سيأتي في آخر الزمان قوم .... الحديث».

  فمنذ ذلك الحين انقسمت الشيعة إلى قسمين: زيدية وهم الذين شايعوا


(١) المعجم الأوسط (٧/ ٣٧٠/ رقم ٧٧٥٤)، حلية الأولياء (٤/ ٣١٣).