بعض أصول الزيدية
  ومصاحبته، فإذا لم تنفع نساء النبي ÷ تلك المعاشرة والمصاحبة في دفع العذاب والعقاب؛ فأولى وأحرى أن لا تنفع من هو أقل منهن مصاحبة للنبي ÷ ومخالطة ومعاشرة، ولا شك أن صحابة النبي ÷ أقل مخالطة للنبي ÷ ومصاحبة ومعاشرة ومجالسة من نسائه.
  ٨ - يجب على الناظر الخوض فيما جرى بين الصحابة، وتحقيق النظر والبحث في ذلك؛ ليتعرف من خلال ذلك على المُحِقِّ منهم والمبطل، والعدل وغير العدل، فإذا تبين له ذلك أخذ دينه عن المحقين أهل العدالة والاستقامة دون المبطلين الظالمين.
  والدليل على ما ذكرنا أن الصحابة أخيراً اختلفوا اختلافاً عظيماً حتى لعن بعضهم بعضاً، وحتى قتل بعضهم بعضاً، واستحل بعضهم دماء بعض، وجرى بينهم من ذلك كأشد ما يكون.
  ولا حرَّموا الخوض في ذلك، ولا عرف بينهم السكوت عن ذلك، بل تكلمت حتى السيوف، ونطقت الأسنة والرماح، ولم يعرف ترك الخوض في ذلك إلا في أزمنة متأخرة جداً، ولعل ذلك كان في أزمنة بني العباس، أما قبل ذلك فلا يعرف؛ بدليل أن أهل القرن الأول، وأكثر القرن الثاني كانوا يخطبون فوق المنابر في الجمع والأعياد في جميع البلاد الإسلامية وجميع مساجدها بلعن علي بن أبي طالب #.
  وحينئذ يتبين لنا أن ترك الخوض فيما جرى بين الصحابة مذهب مستحدث مبتدع.
  والذي يظهر لي أن الغرض من هذا المذهب المبتدع هو المحافظة على قداسة معاوية وعمرو بن العاص والوليد بن عقبة بن أبي معيط ومروان بن الحكم والمغيرة بن شعبة وأمثالهم.
  ولم يريدوا المحافظة على كرامة جميع الصحابة؛ بدليل أنهم لم يرفعوا رأساً للعن علي # وأهل بيته، ولم يحركوا ساكناً، بل إنهم حكموا بعدالة فاعلة حكماً، وتحروا الرواية، وأخذ الحديث عنه تحرياً، ومن أراد معرفة صحة ما