قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

حكم المتقدم على علي (ع)

صفحة 223 - الجزء 1

  ويمكن الاستدلال على ذلك بما ثبت أن الرسول ÷ قد عين أهل بيته لشغل منصة الخلافة من بعده إلى يوم القيامة، كما في حديث الثقلين المجمع على صحته.

  ولا يقوم بحق الخلافة ولا يسير بسيرة النبي ÷ إلا أقرب الناس شبهاً برسول الله ÷ في صفات العلم والورع والزهد والتقوى والشجاعة وسماحة الخلق ولين العريكة وحسن التدبير وكمال العقل وإلى آخر الصفات التي لها دور في تدبير شئون الخلافة، أما الناقص في شيء من تلك الصفات فلا يصلح للخلافة، وذلك أن فاقد الشيء لا يعطيه، فالجاهل لا يتأتى منه هداية الناس، ومن لا يعرف المعروف والمنكر لا يتوقع منه إقامة المعروف والنهي عن المنكر، والخائن لا يتوقع منه حمل الأمانة التي عرضت على السموات والأرض، والفاسق غير أهل للتبليغ لقوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ٦}⁣[الحجرات] فسمى الله تعالى خبره وكلامه جهالة تعقبها ندامة، وسيء الخلق قاسي الطبع مشؤوم {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}⁣[آل عمران: ١٥٩].

حكم المتقدم على علي (ع)

  الظروف التي عاش فيها أئمتنا $ لم تسمح لهم بالجزم في الحكم، ومع ذلك فلم يغفلوه كل الإغفال، فذكروه على أسلوب الترديد من غير جزم، مع فتح باب التأويل، وكل ذلك كما يظهر من أجل الترويج للقبول، وللسلامة من الطعن عليهم، والأذى، وإلحاق التهم بجانبهم، و ... إلخ.

  فقال بعضهم: إن كان علم المتقدمون على علي # استحقاقه للخلافة بما سمعوا من النبي ÷، وتحققوا ذلك، ثم تقدموا عليه، وتركوه، فإنهم بذلك عصاة آثمون، ومعصيتهم كبيرة، وإن لم يعلموا ذلك بعد التحري والنظر والاجتهاد في طلب الأدلة التي توصل إلى الحق فلا إثم عليهم وإن أخطأوا؛ لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}⁣[الأحزاب: ٥]. ولقوله ÷: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان».