طريقة الأمر والنهي
  وإنما قلنا ذلك لقوله تعالى في آخر الآية السابقة: {قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ١٦٤}[الأعراف]، ولا تحصل المعذرة إلى الله إلا بعد التبليغ الكامل، ولا يحصل اليأس من رجاء التأثير إلا بعد ما ذكرنا من سلوك كل السبل.
  فإذا حصل التبليغ، ويئس المكلف من رجوع العاصي بعد استعماله لجميع الحيل فلا عليه إن أعرض من غير أن يظهر منه ما يدل على الرضا عن العصاة.
  والخوف على النفس من القتل أو الضرب والحبس والإهانة يرخص للمكلف في ترك الأمر والنهي لقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَان}[النحل: ١٠٦].
  وقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}[آل عمران: ٢٨].
  وقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ}[المائدة: ٣].
  ولا مانع من الأخذ بالعزيمة لقوله تعالى: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ١٧}[لقمان].
  هذا هو الشرط الخامس من شروط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو: إذا كان ذلك يؤدي إلى حصول منكر آخر، ولم تحصل القدرة على إزالة المنكر الأول ولا الآخر فإن الأمر والنهي حينئذ لا يجوزان؛ لأن ذلك يكون كالإغراء بفعل المنكر، وهو قبيح.
طريقة الأمر والنهي
  يجب أن يكون الأمر والنهي بالتلطف وباللين والرفق؛ لأن ذلك أقرب إلى القبول وأدعى له، وذلك لقوله تعالى: {فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ٤٤}[طه].
  ولقوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[النحل: ١٢٥].
  وقوله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن}[فصلت: ٣٤].