المنزلة بين المنزلتين
المنزلة بين المنزلتين
  المراد بالمنزلتين هنا: منزلة الإيمان ومنزلة الكفر؛ فالذي ينزل في منزلة الإيمان يسمى مؤمناً، والذي ينزل في منزلة الكفر يسمى كافراً.
  ولا خلاف في هاتين المنزلتين بين الأمة، وقد ذكرهما الله تعالى في أول سورة البقرة، وذكر بعدهما منزلة ثالثة للمنافقين.
  فقال تعالى: {الم ١ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ٢ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ٣}[البقرة]، فهؤلاء هم أهل المنزلة الأولى.
  إلى قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ... إلخ}[البقرة: ٦] وهؤلاء هم أهل منزلة الكفر.
  ثم قال سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ٨}[البقرة] وهذه المنزلة للمنافقين.
  وقد وقع الخلاف في منزلة مرتكب الكبائر، فقالت المجبرة: إنه مؤمن، وقالت الخوارج: إنه كافر، ونحن نقول: إنه ليس بمؤمن ولا كافر، وإن له منزلة بين منزلة الإيمان والكفر، وإن له حكماً بين الحكمين.
  وقبل أن نذكر أدلة كل هذه الأقوال ونبين الصحيح منها والزائف نذكر بحثاً حول الكبائر والصغائر، فنقول وبالله التوفيق:
الصغائر والكبائر
  قال أئمتنا $: والمعاصي صغائر وكبائر، فالكبائر: هي التي يستحق فاعلها العقاب الدائم إن لم يتب، والصغائر: هي التي تقع مكفرة بالطاعات أو بدونها.
  وقالت الخوارج: المعاصي كلها كبائر، ولا شيء منها بصغير.
  لنا: قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}[النساء: ٣١].