أقسام الكفر
  ويلحق بأولئك من يوالي الكفار؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة: ٥١] أي: كافر مثلهم.
  وحقيقة الموالاة: أن تحب له ما تحب لنفسك، وتكره له ما تركه لها، لقوله ÷: «لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يرى لأخيه المؤمن ما يرى لنفسه، ويكره له ما يكره لها».
  وحقيقة المعاداة: أن تريد إنزال المضرة بالغير، وصرف المنافع عنه، ويعزم على ذلك إن قدر عليه ولم يعرِضْ صارف.
  قال الإمام القاسم في كتاب الهجرة: ومن صار إلى عدو من أعداء الله تعالى إلى محبة أو موالاة أو مسالمة أو مراضاة أو مؤانسة أو موادة أو مداناة أو مقاعدة أو مجاورة أو اقتراب فضلاً عن تواد أو تحاب، فقد باء راغماً صاغراً من الله جل ثناؤه بسخطه، وهلك في ذلك بهلكة عدو الله، وتورط من الهلكة في متورطه، وكان في الإساءة والجرم مثله، وأحله الله في العداوة له محله ... إلخ.
  وهذا المعنى يفيده قوله تعالى: {وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى ..} الآية [الممتحنة: ٤]. وفي الحديث: «من جامع المشرك أو سكن معه فإنه مثله».
  هذا، ويلحق بمن تقدم: الذي يصوب العاصي في معصيته، فإنه يكون بذلك كافراً، لرده ما علم من دين الإسلام، وكذلك الذي يجالس الكافر، في حال فعله لمعصية الكفر، لقوله تعالى: {إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ}[النساء: ١٤٠].
  قال الإمام المنصور بالله # في المهذب: فإن كانت الدار الغالب عليها الكفر من قول باطل أو جبر أو تشبيه، ولهم السيف والمنبر - فحكم المقيم بينهم إذا كان متمكناً من الخروج والهجرة حكمهم في الكفر، وإن كان الغالب عليها الفسق فحكمه في أيام الإمام حكم الفاسقين، وفي غير وقته حكم الصالحين ... إلخ.