فلسفة البهشمية حول حدوث العالم
  وصفة الوجود التي تعلقت بها قدرة الله هي أمر زائد على الذات، فالذات شيء وصفة الوجود شيء آخر، هكذا قالوا.
  ثم قالوا عن صفة الوجود: لا هي شيء ولا لا شيء.
  والجواب: أن البهشمية بفلسفتهم هذه تجاوزوا حدود المعقول، فجاءوا بما لا تقبله فطرة، ولا يعترف به عقل، وكيف يقبل عاقل أو يصدق بثبوت شيء غير موجود، أو يؤمن بصفة لا هي شيء ولا لا شيء؟.
  ومن فلسفة المعتزلة حول صفات العالم قولهم: الصفات لا توصف رأساً، لا صفات العالم ولا صفات الله تعالى.
  أما الأجسام فتوصف فيقال: جسم طويل، وجسم متحيز، فالطول صفة للجسم، وكذلك التحيز، ولا يصح بعد ذلك أن تصف الطول أو التحيز.
  ثم قالوا في الصفات نحو: الطول والتحيز: إنها أمور أو مزايا أو أحوال لا هي الموصوف ولا غيره، ولا شيء ولا لاشيء، وعمموا هذه الفلسفة في صفات الله وصفات المخلوقات.
  والجواب: أن حكمهم القاطع على الصفات بأنها لا توصف حكم خال عن الصحة، وغير مستند إلى دليل من اللغة أو الشرع أو من العقل، أما في اللغة فلا يوجد منع من ذلك في كتبها على كثرتها وسعتها، ولا تكلم أهل البيان العربي في هذا الحكم بشيء البتة، وأما الشرع: فالكتاب والسنة خاليان من الكلام حول ذلك، وأما العقل فلا يلزم من وصف الصفة محال، فقولنا مثلاً: حرارة ذلك الجسم شديدة، وحركة هذا الجسم خفيفة أو سريعة قول حسن في العقول.
  وأما قولهم: لا هي الموصوف ولا غيره، ولا شيء ولا لا شيء، فقول باطل لا يقبله عقل عاقل ولا يصدق به، ولعل ذلك قد كان منهم فراراً وهروباً مما يلزمهم حين تكلموا في صفات الله سبحانه وتعالى، فقالوا: إن صفاته ø أمور زائدة على ذاته،