الكلام على حديث: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي»
  قالوا: جاءت الأحاديث الكثيرة عن النبي ÷ بأنَّ من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة.
  قلنا: لا إله إلا الله هي كلمة الإخلاص، وعنوان الأعمال الصالحة، فإذا لم تستتبعها الأعمال الصالحة ولم تلحقها فإنما هي استهزاء و نفاق.
  ودليل ذلك قوله تعالى: {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ ... الآية}[المائدة: ٨١].
  وقال تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ١}[المنافقون].
  وأما حديث: «من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق ... الحديث» فلا ينبغي الالتفات إليه؛ لمعارضته القرآن، قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً ٦٨ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً ٦٩ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً ... الآية}[الفرقان].
  ولمعارضته لما في الصحاح: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ... الحديث»(١).
  وبعد، فكلمة الإخلاص التي هي لا إله إلا الله إذا صدرت من قلب قد امتلأ من مهابة الله وخشيته، والتصديق بوعده ووعيده، وأيقن أن لا ملجأ له من الله إلا إليه؛ فإن لا إله إلا الله تعتبر في هذه الحال دخولاً في حصن الله ومعقل أمنه، ورجوعاً عن عصيانه إلى طاعته، وعلى هذا تفسير الأحاديث التي رويت في هذا الباب، مثل قوله ÷: «لا إله إلا الله حصني، من دخل حصني أمن من عذابي ...» وحديث: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة» ونحوهما.
  وحينئذ فلا إله إلا الله عبارة عن التوبة، وترجمة لها.
(١) صحيح مسلم (١/ ٧٦) رقم (٥٧)، صحيح البخاري (٣/ ١٣٦) رقم (٢٤٧٥).