الصراط
الصراط
  ذكر الصراط في عدة مواضع في القرآن الكريم، كقوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦}[الفاتحة]، {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ ..}[الأنعام: ١٥٤]، {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الأنعام: ١٦١]. ونحو ذلك، والمراد به دين الحق الذي جاء به الرسول ÷ ولا خلاف في ذلك.
  قال بعض المتكلمين: والصراط في الآخرة جسر على جهنم يمر عليه أهل الجنة وأهل النار، فيسلم أهل الجنة، ويتهافت في النار أهل النار، وهو أدق من الشعرة وأحد من السيف، ورووا في ذلك حديثاً عن أبي هريرة وفيه: عليه كلاليب وحسك، والناس يمرون عليه، منهم كالبرق، والريح .... إلخ.
  قلنا: الذي جاء في أحوال الحساب وكيفية الدخول إلى الجنة والنار في كتاب الله العزيز هو غير ما ذكرتم.
  قال تعالى في ذكر أهل النار: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً}[الطور: ١٣].
  والدعُّ هو الدفع العنيف فيدفعهم خزنة النار إلى النار دفعاً عنيفاً على وجوههم، وزجاً في أقفيتهم من غير جسر يتهافتون من فوقه.
  وقال سبحانه وتعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً ...} إلى قوله تعالى: {قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا}[الزمر: ٧١ - ٧٢].
  وقال سبحانه: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً ٨٥ وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً ٨٦}[مريم]، وهذا نص صريح في أنهم لم يمشوا على جسر فوقها.
  وحينئذ فيجب رد رواية أبي هريرة، لمعارضتها نصوص القرآن {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً ٨٧}[النساء].
  وهذا مع أنها رواية آحادية لا تفيد إن تكاملت شروط الصحة إلا الظن، والقرآن يفيد العلم والقطع.