لا تثبت صحة أي مذهب بالدعوى فقط
لا تثبت صحة أي مذهب بالدعوى فقط
  إذا عرفت هذا فاعلم أن صحة أي مذهب من مذاهب تلك الفرق المختلفة لا يثبت بالدعاوي، بل لا بد من دليل قاطع وبرهان ساطع، يدل على صحة الدعوى، وقد قال تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[البقرة: ١١١].
  والدليل المقبول في هذا الباب لا يكون إلا آية محكمة واضحة المعنى، أو حديثاً عن النبي ÷، تجمع الأمة على صحته، ولا يقبل في هذا الباب ما لا يكون كذلك، ولا تقوم به حجة.
  وقد أوضحنا فيما سبق الأدلة على صحة مذهب أهل البيت $، الذي يتمثل في مذهب الزيدية على سبيل التفصيل لكل مسألة مسألة، توضيحاً منطقياً، تنقاد له فطر العقول، وتستسلم له وتذعن، بحيث لا يبقى لها بعد النظر فيما هنالك أي ارتياب أو شك، ونعني بذلك الفطر السليمة التي لم تعم أبصارها ظلمات التقليد والأهواء، وغشاوات الشقاء، أما من كان كذلك فلا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم، {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ..}[الأنعام: ٣٦]. {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ٨٠}[النمل]، {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ٤٦}[الحج].
  وفي هذه الخاتمة نذكر الأدلة على سبيل الجملة على صحة مذهب أهل البيت $، وأنهم الفرقة الناجية، وأن ما سواهم من الفرق ضال هالك، فنقول وبالله التوفيق:
الاختبار للمكلفين سنة الله في خلقه
  اعلم أن الله سبحانه وتعالى: اقتضت حكمته وجرت سنته بأن يختبر عباده، ويبتليهم بأنواع من التكاليف الشاقة على النفس والتي فيها زيادة على غيرها من التكاليف نوع شدة وشيء من الثقل، ومن ذلك ما ذكره الله تعالى من الأمر للملائكة بالسجود لآدم، فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر.