قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

فصل: الاختلاف في تفسير الإثبات لصفات الله

صفحة 30 - الجزء 1

  ودليل ذلك وتفصيله كما يلي: قد ثبت أن حدوث العالم وما فيه إنما حصل من فاعل مختار، والفاعل المختار لا بد أن يكون متقدماً على فعله، فلا تصح المقارنة في الوجود بين الصانع والمصنوع؛ إذ أن المقارنة تبطل كون أحدهما صانعاً والآخر مصنوعاً، فيلزم لذلك تقدم الصانع على المصنوع.

  ويجب أن يكون تقدمه أزلياً لا أول لوجوده، وذلك أنه لو كان محدثاً لاحتاج إلى محدث يحدثه وهكذا إلى ما لا نهاية له، وذلك محال.

  ومن هنا قال الله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ ...}⁣[الحديد: ٣].

فصل: الاختلاف في تفسير الإثبات لصفات الله

  قد عرفت فيما سبق أن صانع العالم وما فيه موجود قادر عالم حي قديم، ولا خلاف بين المسلمين في إثبات ذلك لله تعالى، غير أنهم اختلفوا في تفسير ذلك في حق الله تعالى.

قول جمهور أئمتنا (ع) وبعض المعتزلة

  فقال جمهور أئمتنا $ وبعض المعتزلة: صفات الله تعالى ذاته، ولمعرفة معنى ذلك ينبغي أن نذكر معنى الصفة والوصف في المخلوقات فنقول: الصفة أو الوصف هو معنى قائم بالجسم، فالقيام أو القعود معنى يحل في الجسم، فإذا حل هذا المعنى بالجسم صح لك وصفه بقولك: هو قائم أو قاعد.

  وكذلك العلم والقدرة والحياة كل منها معنى يحل في الجسم، فإذا حل في الجسم صح لك القول بأن ذلك الجسم عالم أو قادر أو حي، فعلى هذا لا يصح حلول القيام والقعود ونحوهما إلا في جسم.

  وكذلك الحياة والقدرة والعلم لا يصح حلولها إلا في جسم.

  إذا عرفت ذلك ظهر لك أن القيام شيء والجسم شيء آخر، وأن العلم شيء والجسم شيء آخر، وأن القدرة شيء والجسم شيء آخر، وهذا واضح.