قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

اختبار أمة محمد بأهل بيت نبيها ÷

صفحة 301 - الجزء 1

  وقامت بذلك على الخلق الحجة، وفشت في الناس واشتهرت واستبانت، حتى اضطر خصوم أهل البيت وأعداؤهم إلى روايتها والحكم بصحتها، فروى أهل السنة والجماعة الذين هم العدو التاريخي والخصم الألد لأهل البيت $ والعدو الأصلي الكبير الذي له كيان عظيم وأتباع كثيرون، فإنهم رووا حديث الثقلين بأسانيد مختلفة وطرق كثيرة بلغت حد التواتر، بحيث لا يكاد يخلو من ذكره كتاب من كتب الحديث المعتبرة عندهم.

  ورووا حديث المنزلة، وحديث الغدير، وحديث الراية يوم خيبر، وحديث الكساء، وحديث آية التطهير، وحديث آية المودة، وحديث السفينة، وحديث النجوم، وحديث قدموهم، وحديث حبك إيمان وحديث حب أهل البيت ... إلى غير ذلك مما لا يكاد يحصى مما رواه أهل السنة والجماعة وحكموا بصحته، لذلك لم ينقص الأمة الجهل وعدم الأدلة، والذي ينقصها هو التواضع لأوامر الله تعالى والتسليم لأمره والتذلل والانقياد، فإنه لا بد من ذلك حتى تحصل الطاعة لله والاستجابة، ولأمرٍ ما وأي أمر بدأ الله جل ذكره بالتواضع حين ذكر صفات عباد الرحمن في سورة الفرقان، فإنه تعالى صدر صفاتهم بالتواضع، ثم ذكر بعد ذلك الصلاة، وترك الشرك، والقتل، والزنا و ... إلخ.

  فقال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً ٦٣ ... إلى آخر السورة}⁣[الفرقان]، فعباد الرحمن الذين هم حقاً عباد الرحمن يمشون على الأرض مشي التواضع، قد خلعوا عن أنفسهم أردية المتكبرين، وطهروا أنفسهم من خبث الكبر، فهم لذلك يقولون لكلِّ ما جاءهم من عند الرحمن: سمعنا وأطعنا يتلقون كلَّ ذلك بالرضا والخضوع، والتذلل والانقياد، والتسليم والاستجابة، وبكل السمع والطاعة، لا يكبر عليهم من ذلك كبير ولا صغير، لأنهم قد أخلصوا لله أنفسهم، وطهروها من الكبر.