قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

التوسل

صفحة 314 - الجزء 1

  والطاعات كما ذكرنا وسائل مقربة إلى الله تعالى فلا وجه لاستنكار زيارة القبور، وأما التبرك والاستشفاء فقد صحت الروايات أن الصحابة كانوا يتبركون ببصاق النبي ÷ وبماء وضوئه، وبشعره، وأوصى أبو بكر أن يقبر عند النبي ÷ التماساً لبركة القرب من قبر النبي ÷، وكذلك أوصى عمر، ونفَّذت الصحابة وصية أبي بكر أولاً، ثم نَفَّذَت وصية عمر، ولم يحدث أي استنكار.

  وكذلك أوصى الحسن بن علي (ع) أن يدفن عند قبر جده ÷ فإن حيل بينه وبين ذلك فليدفن عند قبر أمه فاطمة رضوان الله عليها.

  وبعد، فلا مانع أن يكون تراب قبور بعض الصالحين سبباً للشفاء والعافية كسائر الأسباب التي يستشفى بها من العقاقير الطبية الصناعية أو النباتات الطبيعية.

  ولا مانع من اعتقاد أن التراب سبب للشفاء، كما أنه لا مانع من اعتقاد أن أقراص الإسبرين سبب للشفاء و ... إلخ.

  قالوا: إن تعظيم القبور بالبناء عليها وبتسريجها وفرشها شرك.

  قلنا: تعظيم قبور الصالحين مشروع جاء به القرآن فيما حكاه الله تعالى عن أصحاب الكهف: {إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً}⁣[الكهف: ٢١].

  وقد كانت عائشة زوجة النبي ÷ تسرج عند قبر النبي ÷ وتفرش ...

  وتعظيم قبر النبي ÷ وتعظيم قبور الصالحين قد كان شيئاً متقرراً عند جميع المسلمين منذ عهد الصحابة ومن بعدهم من التابعين وتابعيهم حتى جاء ابن تيمية في القرن السابع، فأظهر قوله المبتدع في القبور، ثم جاء بعده بزمان طويل محمد بن عبد الوهاب فنصر مذهبه، وحظي بدولة وسلطان مما ساعد على تقرير ذلك المذهب وتقويته.

  ¿