قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

التوسل

صفحة 313 - الجزء 1

التوسل

  طلب الوسائل إلى الله مشروع؛ وذلك لقوله سبحانه وتعالى: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ}⁣[المائدة: ٣٥].

  والوسائل المقربة إلى الله تعالى أنواع:

  منها: فعل الطاعات: كالصلوات، والحج، وتلاوة القرآن، والإكثار من التوبة إلى الله والرجوع إليه، والندم على التفريط، وكثرة الاستغفار.

  ومنها: ترك المحرمات والمشتبهات، والورع والزهد، فكل ذلك مما يقرب العبد إلى الله ويزيده زلفى لديه.

  ومن ذلك: الدعاء، وإظهار التضرع والتذلل والافتقار بين يدي الله تعالى.

  ومن ذلك: زيارة المريض، وزيارة الإخوان في الله، والنظر في المصحف، والنظر في وجه العالم، والنظر في وجه الوالدين، وقد جاء في ذلك الكثير من الأحاديث.

  وعلى الجملة فإن كل ما ندب الله تعالى إلى فعله فهو وسيلة مقربة إلى الله.

  وقد استنكر بعض أهل السنة زيارة القبور والتوسل إلى الله تعالى ببركة زيارتهم وأفرطوا في الاستنكار، وأسرفوا غاية الإسراف حتى جعلوا ذلك من الشرك ومن عبادة الأوثان، وقالوا: إن مسح القبر للتبرك شرك، والتمسح بتراب القبر للتبرك شرك، والاستشفاء به شرك، وفرعوا في هذا الباب فقالوا: إن البناء على القبور شرك، وكتابة الألواح الرخامية فوق القبور شرك، وتسريج القبب شرك، و .... إلخ، وكل ذلك مما لا بأس فيه ولا حرج لو كانوا يعقلون.

  ودليل ما نقول به: أن زيارة القبور من الطاعات المشروعة التي شرعها الله تعالى، ففي الحديث المشهور الذي رواه مسلم وغيره: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكر بالآخرة».

  وقد كان النبي ÷ يزور أهل البقيع، وكذلك عائشة، وكانت فاطمة تزور قبر عمها حمزة وشهداء أحد كل جمعة، صحت بذلك الأحاديث.