قول الجهمية
  جل وعلا بين سائر الذوات، وجعلوا الجميع جنساً واحداً مشتركاً في الذاتية، وحينئذ فلا بد لكل ذات من الذوات بما في ذلك الباري تعالى من أمر يميزها عن سائر الذوات المشاركة لها في الذاتية، وهذا ما يسميه أهل المنطق بالفصل.
  ولزيادة الإيضاح نقول: إنهم جعلوا ذات الله تعالى فرداً من أفراد جنس واحد تشترك فيه ذات الله وسائر الذوات، كما أن لفظ الحيوان جنس واحد تشترك فيه سائر الحيوانات، وعلى هذا فلا بد للإنسان من أمر زائد على الحيوانية يميزه عن سائر الحيوانات، وكذلك الفرس والجمل و ... إلخ، لا بد لكل واحد من هذه الأفراد من أمر زائد على الحيوانية حتى يميزه عن غيره.
  والجواب: أن قولهم في تفسير صفات الله تعالى قول تأباه فطر العقول، وكيف يمكنها أن تصدق بصفات لا هي الله ولا غيره، ولا شيء ولا لا شيء، ولا موجودة ولا معدومة، ولا قديمة ولا محدثة؟
  ولا يحتاج في إبطال كلامهم هذا إلى أكثر من حكايته.
قول أهل المزايا
  وقال بعض آخر من المعتزلة: إن صفاته تعالى مزايا لا هي الله ولا غيره و ... إلخ.
  والجواب على أهل هذا القول مثل الجواب على أهل القول الأول، ولا فرق بين القولين إلا بالتسمية.
قول الجهمية
  وقالت الجهمية: بل صفاته تعالى هي غيره، وهي محدثة بعلم محدث، هكذا في الأساس وشرحه.
  ونقول في الجواب: من البعيد عندي صحة هذه الرواية، وإن صحت فلا يخفى بطلانها؛ لما يلزم من أن الله عز وعلا كان عاجزاً وجاهلاً وغير حي قبل حدوث العلم المحدث.