قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

قول الأشعرية

صفحة 33 - الجزء 1

  ويلزم أيضاً أن يكون الله تعالى محدثاً لحدوث صفته الوجودية، وكل ذلك معلوم البطلان، ولا ينبغي أن يدين به أحد في دين الإسلام.

قول الأشعرية

  وقالت الأشعرية: إن صفات الله تعالى معان قديمة قائمة بذاته، ليست إياه ولا غيره، ولا بعضها هو البعض الآخر ولا غيره.

  وهذا القول قريب من أقوال المعتزلة، إلا أن المعتزلة منعوا من وصف الصفات، والأشعرية لم يمنعوا ذلك، فقالوا عنها: إنها قديمة، قائمة بذاته ø، والمعتزلة لمَاَّ رأوا شناعة هذه المقالة لما يلزم القائلين بها من التشبيه وإثبات قدماء مع الله تعالى مَنَعُوا من وصف الصفات.

  وعندي أن منعهم لوصف الصفة لا يخرجهم عن مثل هذه الشناعة، وليسوا في التأويل بأولى من الأشعرية في ذلك، فالأشعرية وإن أثبتوا معاني قديمة فإنهم قد نفوها بقولهم ليست إياه ولا غيره و ... إلخ.

  فالأشعرية والمعتزلة في هذا الباب سواء، فلا تكفر الأشعرية بهذا القول لتلاشيه حيث قالوا: ليست إياه ولا غيره، ولا بعضها هو البعض الآخر ولا غيره، فهم في الحقيقة والواقع لم يثبتوا شيئاً كالمعتزلة، وهم ينزهون الله تعالى عن المكان والجهة والعرش والكرسي والصعود والنزول والوجه واليدين و ... إلخ، وتماماً كما تقوله المعتزلة في هذا الباب، والخلاف الواضح الذي خالفوا فيه هو قولهم بالرؤية لله تعالى يوم القيامة، وبأنَّ الله تعالى هو الذي خلق أفعال العباد، وأرادها وشاءها، وللعبد منها كسب، وأنكروا حكم العقل في التحسين والتقبيح، وصرحوا بأن التكاليف بأسرها من تكليف ما لا يطاق، صرح بذلك الرازي في المحصول، وهو من أئمتهم.