الجواب على دعوى تخصيص هذه الآية
الآيات الدالة على نفي الرؤية
  وبعد، فإن لنا أدلة سمعية تدل على نفي الرؤية غير ما تقدم من دلالة العقل منها قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ١٠٣}[الأنعام] فنفى الله عز وعلا في هذه الآية أن تدركه الأبصار نفياً عاماً لا يختص بوقت دون وقت، أو بمكان دون مكان، أو بحالة دون حالة.
  قالوا: الإدراك هو اللحوق، يقال: أدركت زيداً إذا لحقته، فلا يكون المعنى حينئذ نفي رؤية الله تعالى، بل نفي اللحوق له ø.
  قلنا: إذا أضيف الإدراك إلى البصر فلا يكون إلا بمعنى الرؤية، فإذا قلت أدركه بصري فمعناه رأيته، وعلى ذلك أئمة اللغة، وانظر في القواميس اللغوية تجد تصديق ما ذكرنا.
  وللإدراك معانٍ أخر منها البلوغ يقال: أدرك الغلام إذا بلغ، ومنها النضج يقال: أدركت الثمرة إذا نضجت وأينعت، غير أن الإدراك إذا قرن بالبصر فلا يفيد إلا الرؤية بالبصر كما تقدم.
الجواب على دعوى تخصيص هذه الآية
  قد يقول قائل أهل السنة إن قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ...}[الأنعام: ١٠٣] عام مخصوص بقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ٢٢ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣}[القيامة]، وحينئذ فلا مناقضه بين الآيتين ولا مخالفة.
  والجواب من وجوه:
  ١ - أن الله تعالى تمدح في الآية الأولى بأن الأبصار لا تدركه، ولا يتم المدح بل لا يكون مدحاً و ثناءً إلا إذا كان ذلك على سبيل الاستغراق والشمول لأوقات الدنيا والآخرة، وذلك لأن الجن وكثيراً من المخلوقات لا تدرك بالأبصار في الدنيا، ولا شك أنه لا مدح في ذلك ولا ثناء.