قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الخلاف في وقوع الحقيقة الدينية والحقيقة الشرعية

صفحة 64 - الجزء 1

  وضعت له، والمجاز اسم حقيقي عندهم للكلمة المستعملة في غير ما وضعت له.

  وكل هذا بعد أن كان الكلام لِلَّفْظِ المركب، والرفع لأخذ الشيء من أسفل إلى أعلى والحقيقة للراية، والمجاز للطريق.

  ٤ - الحقيقة الشرعية: كالصلاة، والصيام، والزكاة، والطلاق، وما أشبه ذلك، مما أخذه الشرع من معناه اللغوي إلى معنى آخر، واستعمله فيه، فقد كانت الصلاة للدعاء، ثم نقلها الشرع إلى العبادة المخصوصة.

  ٥ - الحقيقة الدينية: كالإيمان، والمؤمن، والكافر، والفاسق، ونحو ذلك، مما نقله الشارع من معناه اللغوي إلى معنى من معاني أصول الدين.

الخلاف في وقوع الحقيقة الدينية والحقيقة الشرعية

  وقد خالف قوم في وقوع الحقيقة الشرعية والحقيقة الدينية.

  والجواب عليهم أن نقول: إن لفظ الصلاة قد كان في الأصل للدعاء ثم نقل ذلك اللفظ في الشرع إلى معنى جديد هو العبادة المخصوصة، فإذا أطلقت الصلاة لا يفهم منها إلا العبادة دون الدعاء، وهذا هو الذي نريد بالحقيقة الشرعية، وكذلك لفظ الزكاة لا يفهم منها إلا المال المخصوص.

  ولفظ الإيمان في اللغة يفيد التصديق، فصار في الشرع بعد ذلك يفيد معنى آخر هو القول باللسان واعتقاد الجنان والعمل بالأركان، ويدل على ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون ٢ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ٣}⁣[الأنفال].

  قالوا: قال الله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً}⁣[التغابن: ٩] فعطف بالواو العمل الصالح على الإيمان، مما يؤخذ منه أن العمل الصالح غير الإيمان؛ إذ حق العطف التغاير.

  قلنا: الإيمان هنا مستعمل في معناه اللغوي، ولا مانع من استعمال الكلمة بعد نقلها في معناها الأصلي إذا دلت على ذلك قرينة.