قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الحسن الشرعي

صفحة 78 - الجزء 1

  وإلى آخر المحرمات الشرعية، غير أن هناك محرمات قد يخفى الفساد المترتب على فعلها، ومن هنا قسم الله تعالى الفواحش قسمين في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}، فقسم ظاهر فحشه، وقسم خفيٌّ فحشه.

  هذا، ولا منافاة بين ما ذكرنا وبين قول قدماء أئمتنا $: إن وجه قبح القبيح الشرعي هو كونه كفراً لنعمة المنعم، وكفران النعمة قبيح عقلاً، وذلك أنه لا مانع من تعدد أوجه القبح.

الحسن الشرعي

  ووجه حسن الحسن الشرعي كالصلاة والصيام هو لما فيها من المصالح للمكلفين، ومن هنا قال الله تعالى في آخر آية الوضوء {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ ..}⁣[المائدة: ٦].

  ولا منافاة بين ما ذكرنا وبين ما ذهب إليه الكثير من أئمتنا $ من أن الوجه هو كونها شكراً لنعم الله تعالى؛ لما ذكرنا في القبيح.

قول المعتزلة في وجه قبح القبيح الشرعي ووجه الحسن الشرعي والمندوب

  وذهب الكثير من المعتزلة إلى أن وجه قبح القبيح الشرعي هو كونه مفسدة في التكاليف العقلية.

  قالوا: والمفسدة هي ما يكون المكلف معه أقرب إلى فعل القبيح وترك الواجب، وذهبوا إلى أن وجه حسن الحسن الشرعي هو كونه لطفاً ومصلحة في التكاليف العقلية.

  قالوا: واللطف هو ما يكون المكلف معه أقرب إلى فعل الواجبات العقلية وعدم الإخلال بها.

  وقالوا في المندوبات الشرعية: إن الوجه في ندبها كونها مسهلة للواجبات العقلية، وبعضهم: كونها لطفاً في فعل المندوبات العقلية وترك المكروهات العقلية، ووجه [ترك] المكروه الشرعي عندهم كونه مسهلاً لترك القبائح.

  والجواب: أنا لا ننكر أن فعل الواجبات الشرعية يدعو إلى فعل الواجبات العقلية؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}⁣[العنكبوت: ٤٥]،