قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الحسن الشرعي

صفحة 79 - الجزء 1

  غير أنهم أخطأوا حيث اقتصروا على ذكر هذا الوجه، بدليل ما ذكرنا في آية الوضوء، ولا مانع من تعدد الجهات، فالصلاة عبادة يراد بها الشكر للمنعم بدليل {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً}⁣[سبأ: ١٣]، وقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}⁣[الذاريات].

  مع ما فيها من صحة الجسد بسبب تضمنها للحركات الرياضية، ثم طهارة الظاهر الذي تتسبب عنه طهارة الباطن من النشاط والأريحية وزكاء الفطرة، وبالعكس فإن وجود الأوساخ والنجاسات على البدن أو الثياب يبعث في النفس القلق، وتتشوش بسببه الفطرة، وهذا بالإضافة إلى أن فعل الصلاة يدعو إلى ترك المنكرات، وإلى فعل الطاعات على العموم، العقلية والشرعية.

  ولله تعالى فيما شرع من العبادات حكم ومصالح عائدة إلى العباد زائدة على كونها شكراً، وعبادة، وألطافاً، كما ذكرنا في الصلاة من الصحة، والنظافة، والنشاط، والأريحية، وزكاء العقل، وقد رأيت في بعض الاكتشافات العلمية الحديثة كلاماً لبعض المكتشفين يقول فيه ما ملخصه: يوجد على سطح الجسم نقاط عديدة ذات صلة بأعضاء الجسم الداخلية، ومعظم هذه النقاط يتركز في الأطراف والوجه واليدين والأذنين والقدمين، وتدليك هذه النقاط يعيد التوازن والنشاط لأجهزة الجسم الداخلية، ويفيد لعلاج كثير من الأمراض المزمنة كآلام الظهر، والرقبة، والعمود الفقري، وارتفاع الضغط الدموي، والإمساك المزمن، والأرق، والصداع، والتوتر، وغير ذلك من الأمراض، كما أنه يخفف من حدة التوتر الناشئ من ضغوط الحياة اليومية التي تسبب لكثير من الأمراض، ويعيد للإنسان الشعور بالراحة والاسترخاء، وينشط الدورة الدموية، ويساعد على التخلص من المواد السامة والضارة في الجسم، ويجدد للإنسان النشاط والحيوية و ... إلخ.

  قلت: لذلك ذكر الله تعالى في آخر آية الوضوء قوله: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٦}⁣[المائدة] فبين الله تعالى في هذه الآية أن في تشريع الغسل من الجنابة