الجبر والاختيار
  والوضوء منافع عائدة إلى الإنسان، غير أنه ذكرها على سبيل الإجمال في قوله: {لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ}.
  وبما ذكرنا يتبين ضعف فلسفة المعتزلة في هذا الباب، وكذلك ضعف قول من اقتصر على أن الوجه هو كونها شكراً.
الجبر والاختيار
  العبد مختار في أفعاله يحدثها كيفما شاء على حسب إرادته وداعي نفسه، وهذا هو مذهب الزيدية والمعتزلة وغيرهم.
  وقالت المجبرة جميعاً: إنه لا فعل للعبد، وإن كل ما صدر من العبد من خير وشر فإن الله تعالى هو الذي يخلقه فيه، وما العبد إلا كالشجرة التي تتحرك بتحريك الله لها، وما نسبة الفعل إلى العبد إلا كنسبة الطول والقصر والسواد والبياض إليه، إلا أن طائفة من المجبرة لما رأوا قبح هذا المذهب وظهور سوءته اخترعوا له فلسفة جديدة، وأظهروه للناس في كساء جديد فقالوا: إن الله تعالى هو الذي يخلق أفعال العبد، غير أن للعبد كسباً، وهذا القول للأشعرية، ولا مهرب لهم في هذه الزيادة كما سيأتي.
قول الأشعرية بالقدرة المقارنة وبالكسب
  وقال آخرون من متأخري الأشعرية: إن قدرة العبد هي المؤثرة في أفعاله، غير أن هذه القدرة يخلقها الله تعالى في حال حدوث الفعل، بمعنى أن القدرة مقارنة للفعل، تحدث عند حدوثه، وتعدم عند نهايته.
  ثم تحدثوا عن هذه القدرة فقالوا: إنها قدرة موجبة للمقدور، بمعنى أن القدرة إذا حصلت فلا بد من حدوث الفعل.
  وهذا هو عين مذهب المجبرة الأول، لأن خالق العلة خالق للمعلول.