الجواب على طوائف المجبرة
  ومن هنا فلا يستطيع أهل الجبر أن يدفعوا الفرق بين حركة المرتعش الذي يرتعش من الحمّى، وبين حركة المرتعش الذي يرتعش باختياره من غير مرض.
  ٢ - من المعلوم الذي لا شك فيه أن أفعال كل عاقل صادرة منه على حسب إرادته وكراهته، وهذا بخلاف الطول والقصر، وبياض اللون وسواده، فإنه لا يتوقف على إرادة العبد ومشيئته.
  ٣ - ومن القرآن قوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}[فصلت: ٤٠]. فدل تعالى بهذه الآية على أن الأعمال صادرة من العباد، وأنها صادرة عن مشيئتهم، ونحو ذلك في القرآن كثير، وهو مملوء بنحو: تعملون، تصنعون، تفعلون.
  ٤ - لو كان الأمر كما تقوله المجبرة للزم أن يسمى الباري عز وعلا كافراً وكاذباً وظالماً وسارقاًَ و ... إلخ، لأنه سبحانه هو الذي فعل ذلك، وأراده، وشاءه، دون العبد فإنه منزه عن ذلك، وبريء منه، {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ٣٠}[التوبة].
  انظر إلى أين بلغ بهم الهوى؟ وإلى أين تمادى بهم الضلال والشقاء؟ ينسبون فعل القبائح والعظائم إلى الله تعالى، وينزهون أنفسهم عن فعلها، {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً ٤٣}[الإسراء].
  ٥ - ويلزم المجبرة بطلان الأوامر، والنواهي، وإرسال الرسل، وإنزال الكتب، وذلك أن أمر من لا يستطيع الفعل والترك قبيح.
  وعلى الجملة فهذا المذهب مذهب خرافي باطل، تَمُجُّهُ الفطرة، ويكذبه الوجدان والضرورة، وترده نصوص القرآن والسنة، ويتبرأُ منه العدل والحكمة، ولا يحتاج رده إلى أكثر من معرفته.
  وقولهم: إن الله تعالى أعظم من أن يقع في ملكه ما لا يريد، وسبحان الذي لا يقع في ملكه إلا ما يريد، وقولهم: ما شاء الله كان وما لم يشاء لم يكن، وقولهم: إن من توحيد الله نسبة جميع أفعال العباد إليه تعالى، وإن من ادّعى أنه فاعل لفعله فهو مشرك غير موحد، وما أشبه ذلك، إنما هو من الأساليب والحيل الماكرة التي يروجونها على ضعاف العقول والبله.